بعد أن مَنَّ الله علي بأن أيقظني من غفلتي، وتوقفت عما كنت أفعل من المعاصي. بدأت بفعل الطاعات، لكن المشكلة أني أشعر أني أتكلف الطاعات. يعني قلبي لا يشعر بشيء، ولكني أتكلف الافتقار لله، وأتكلف البكاء والحرص على الصلوات، وأتكلف المشاعر الإيمانية. أشعر أني أتصنَّع الإيمان، وأني ممثلة.
هل أنا هكذا منافقة؟ وهل يكون الافتقار والحرص على الإيمان ليس من سجيتي؟
الإجابــة:
بداية فمبارك لك التوبة ونسأل الله تعال قبولها والتوقف عن المعاصي، والاشتغال بالطاعات.
وتنصح لجنة الفتوى بإسلام ويب أن كثرة المطالعة لكتب الترغيب والترهيب؛ حتى يحصل القيام بالطاعات برغبة وانشراح صدر.
وأيقني أن الله -تعالى- يقبل التوبة عن عباده، كما يقبل من الطائعين أعمالهم الموافقة للشرع إذا عملوها مخلصين.
وتضيف: واظبي على الفروض، وأكثري من النوافل، واحرصي على الاشتغال بالذكر دائما.
واعلمي أن الخوف من النفاق والرياء أمر محمود إذا بعث على الاجتهاد في الإخلاص، وتصحيح النية. ولم يحمل على القنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله.
فقد قال البخاري رحمه الله: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: «مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا» وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: " أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ" وَيُذْكَرُ عَنِ الحَسَنِ: " مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلاَ أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ". اهـ.
وتوضح: أما عن التباكي فلا حرج فيه، ولا يعتبر نفاقا، وينبغي أن يكون ذلك في الخلوة حذر الرياء.
وقد قال النووي -رحمه الله- في التبيان: البكاء في حال القراءة هو صفة العارفين، وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: { ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا }.
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف. فمن ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا. وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه صلى بالجماعة الصبح فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته. وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فدل على تكرره منه، وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف... اهـ.