يدرك أي شخص حجم المعاناة والصعوبات التي يعاني منها في اليوم التالي لتلك الليلة التي لم يحصل فيها على نوم جيد، وتشمل الشعور بالارتباك والهذيان والعاطفة في بعض الأحيان، وربما يتطور الأمر إلى الغثيان والصداع.

وكشف الخبراء، لصحيفة "ديلي ميل" عن تفاصيل العمليات البيولوجية التي نعاني منها عندما لانستطيع النوم، سواء كان ذلك في وقت متأخر من الليل، أو البقاء مستيقظًا لمدة 24 ساعة أو عدة أيام دون أن نغمض أعيننا، مشيرين إلى تأثير مضاعف" - حيث تتوال الأعطال داخل الجسم عطل وراء آخر.

وأظهرت دراسات سابقة، أن النقص المزمن في النوم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بمجموعة من الحالات، مثل السمنة، وفقدان الذاكرة، والسكري ، وأمراض القلب، وانخفاض الاستجابة المناعية، مما يجعل الشخص عرضة للإصابة بالعدوى.

وكشف المتخصصون أن ليلة واحدة فقط دون نوم كافية للتسبب في ضرر، وهو أمر ينبغي توقعه، نظرًا لأن النوم ضروري لكل وظائف الجسم تقريبًا، مثل تنظيم الهرمونات وإصلاح الأنسجة والحفاظ على وزن صحي.

18 ساعة - ارتفاع ضغط الدم 

يقول الخبراء إن آثار عدم النوم تبدأ في الظهور بعد 18 ساعة من الاستيقاظ. وهذا يعادل الذهاب إلى السرير في الساعة الثانية صباحًا إذا استيقظت في الساعة الثامنة صباحًا في اليوم السابق.

18 ساعة بدون نوم هي الفترة التي يبدأ فيها ضغط الدم في الارتفاع، مما يجعل القلب يعمل بجهد أكبر ويضع ضغطًا إضافيًا على العضو.

بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض قلبية كامنة، قد يزيد هذا الأمر من احتمالية الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية.

وجدت دراسة أجريت عام 2014 أن الأزمات القلبية ارتفعت بنسبة 25 في المائة بعد التوقيت الصيفي، حين تتقدم الساعات للأمام وتفقد ساعة من النوم.

وتظهر الأبحاث أنه بعد عودة عقارب الساعة إلى الوراء – إلغاء التوقيت الصيفي - تنخفض الأزمات القلبية بنسبة 21 بالمائة.

ويؤدي البقاء مستيقظًا لأكثر من 18 ساعة أيضًا إلى انخفاض هرمون التستوستيرون - الهرمون الجنسي الذكري.

وتنخفض مستويات الطاقة، وكذلك دفاعات الجهاز المناعي. وخلال أسبوع واحد فقط من النوم لأقل من خمس ساعات في الليلة - أو الاستيقاظ لمدة 19 ساعة - انخفض هرمون التستوستيرون لدى الشاب بنسبة 10 إلى 15 بالمائة، مقارنة بالمعدل الطبيعي الذي يتراوح بين 1 إلى 2 بالمائة سنويًا.

ويلعب النوم دورًا رئيسيًا في تنظيم الهرمونات، وعندما لا يحصل الجسم على القدر الكافي منه، لا يتمكن من القيام بوظائفه الطبيعية بشكل صحيح.

وفي هذا الوقت أيضًا، سيبدأ الجهاز المناعي في بناء البروتينات الالتهابية المرتبطة بأمراض القلب والأمراض المزمنة، وتصبح خلايانا "المقاتلة" الطبيعية التي تقاوم البكتيريا والفيروسات أقل فعالية.

وقال الدكتور أندريه زينشوك، أخصائي طب الرئة والرعاية الحرجة وطب النوم بجامعة ييل، لموقع (YaleMedicine): "أعتقد أن كل ساعة من النوم بمثابة وضع المال في حساب توفير "النوم".

وأضاف: "إذا تم استنفاد حساب توفير "النوم" الخاص بك أو تجاوز الحد، فسيؤثر ذلك سلبًا على عقلك وكيفية تفاعلك مع العالم."

24 ساعة - الرغبة الشديدة في تناول الطعام والنوم القصير 

24 ساعة دون نوم لها تأثير مماثل على الدماغ مثل شرب أربعة أكواب من النبيذ أو البيرة، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، مما يقلل من أوقات رد الفعل، والتلعثم في الكلام، والبطء في التفكير.

وتشمل الأعراض الأخرى التهيج وزيادة التوتر وضعف التركيز والرغبة الشديدة في تناول الطعام.

وقالت الدكتورة كارولين ويليامز، اختصاصية التغذية، إن الحرمان من النوم يؤثر أيضًا على القدرة على اختيار طعام صحي.

ووجدت دراسة أجريت عام 2015، أنه مقابل كل ساعة يفقد فيها المراهقون النوم، يتناولون 210 سعرات حرارية إضافية في اليوم التالي، معظمها من الدهون والكربوهيدرات. كما كان المراهقون الذين يعانون من أنماط نوم غير متناسقة أكثر عرضة لتناول الوجبات الخفيفة.

وقال الدكتور ويليامز، إن قلة النوم تغير وظائف المخ، وتؤثر على الأطعمة التي تشتهيها، وكيفية تنظيم الجسم للهرمونات وكيفية معالجة الجسم للأطعمة، مما يجعلك تشتهي الأطعمة التي لا ترغب فيها عادة.

وأضاف أنه مع قلة النوم الجيد، يتم تحفيز مركز المكافأة في الدماغ بشكل أكبر عن طريق الطعام، وأظهرت دراسة حديثة أن الأشخاص المتعبين يتفاعلون أكثر مع الأطعمة السريعة وكانوا على استعداد لإنفاق أموال أكثر عليها مقارنة بالبدائل الصحية.

بعد 36 ساعة من عدم النوم، ستتفاقم أي أعراض تعاني منها. قد تواجه أيضًا نوبات قصيرة من النوم، وهي فترات قصيرة من النوم اللاإرادي تستمر لمدة تصل إلى 30 ثانية.

وخلال فترات النوم القصيرة، تبدو مستيقظًا وعيناك مفتوحتين، لكن دماغك "ينطفئ".

وأظهرت الدراسات أن نشاط الدماغ يتباطأ، مما يمنعك من معالجة المعلومات.

وبدون النوم، يحاول الدماغ التأقلم دون أن يكون لديه الوقت الذي يحتاجه لإصلاح نفسه، مما يؤدي إلى التوتر الشديد وضعف الأداء.

عند الاستيقاظ لمدة 36 ساعة، تواجه أجزاء مختلفة من الدماغ صعوبة في التواصل مع بعضها البعض، وهذا يعني المعاناة من صعوبة في الذاكرة والتعلم واتخاذ القرار ورد الفعل.

كما سيرتفع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، ويتباطأ التمثيل الغذائي ويضطر القلبك إلى العمل بجهد أكبر.

48 ساعة بدون نوم- المعاناة من الهلوسة

12 ساعة أخرى بدون نوم سوف تأخذك إلى ما يعتبر حرمانًا شديدًا من النوم.

ومن المحتمل أن يزداد عدد مرات النوم القصيرة. بعد 48 ساعة من الاستيقاظ، قد يعاني الشخص من الهلوسة وزيادة التوتر وتبدد الشخصية والقلق وزيادة التهيج.

وتعاني اللوزة الدماغية - التي تساعد على تنظيم المزاج والذاكرة - وقشرة الفص الجبهي - التي تتحكم في الوظيفة التنفيذية والتحكم في النبضات - من ضعف شديد.

وقال الدكتور سكوت ليونز، عالم النفس، إن التأثير على اللوزة الدماغية يجعل الناس أكثر تفاعلاً بنسبة 60 في المائة في حالات التوتر أو عدم الراحة.

بعد 72 ساعة من عدم النوم، يكافح الدماغ بشدة للتأقلم مع الإرهاق، مما قد يؤدي إلى الهلوسة والأوهام والتفكير المضطرب.

عدم النوم لمدة أربعة أيام يمكن أن يكون مميتًا 

عند الحرمان من النوم لمدة 96 ساعة، يرتفع خطر الإصابة بالذهان - عندما يواجه الشخص تصورًا متغيرًا للواقع، وقد يعاني من أوهام متقنة، بالإضافة إلى تقلبات مزاجية حادة.

عادةً ما تنتهي الحالة بمجرد الحصول على قسط كافٍ من النوم. ومع ذلك، فإن الحرمان الشديد والمتكرر من النوم يمكن أن يكون قاتلاً.

ويعد التعب الشديد عاملاً رئيسيًا في حوادث المرور، فضلاً عن الأخطاء القاتلة في مكان العمل.

بصرف النظر عن المشكلات الجسدية التي قد تسبب مشاكل في النوم، تلعب الصحة العقلية للشخص أيضًا دورًا كبيرًا في جودة النوم.

وقال الدكتور ليونز، إن الاضطرابات المزاجية، مثل الاضطراب ثنائي القطب أو الاكتئاب أو اضطراب القلق العام، يمكن أن تفسد روتين نوم الشخص. ويمكن أن يؤدي قلة النوم أيضًا إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية.

وفي هذه الحالات، قد يكون من المفيد البحث عن علاج نفسي أو البدء بتناول الأدوية.

وأوصى خبراء النوم بالذهاب إلى النوم مبكرًا، وتجنب الكافيين في فترة ما بعد الظهر، وخفض درجة الحرارة في غرفة نومك، وتجنب الأجهزة الإلكترونية قبل النوم مباشرة، كطرق لتحسين صحة النوم.

وقال الدكتور إيمر ماكسويني، أخصائي الأشعة العصبية: "لقد تم ربط الحرمان من النوم بعدد لا يحصى من المشكلات الصحية والأمراض. النوم ضروري لدعم الإدراك والذاكرة واللغة والكلام والتخطيط والعديد من المهارات الأخرى. إن الحرمان من النوم له عواقب بعيدة المدى على الجسم والعقل".