أظهرت دراسة، أن الأشخاص الذين يتناولون الخمر أكثر عرضة لارتكاب الأعمال غير الأخلاقية وإيذاء الآخرين.
ووفقًا للنتائج، فإن تناول مشروب واحد فقط كافِ لجعل الشخص العادي أكثر استعدادًا لإيذاء الآخرين جسديًا أو التصرف "غير النقي"، من خلال الاستمتاع بأفعال منحرفة أو حيوانية.
وجاءت النتائج التي توصل إليها فريق دولي من علماء الأعصاب وعلماء النفس، بعد اختبار مجموعة مختارة بعناية ومتنوعة من 329 مشاركًا، تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 52 عامًا.
وقام الباحثون باستطلاع آراء الأشخاص الذين تم اختبارهم وهم منتشيين بعض الشيء، ومجموعات المراقبة الرصينة عبر خمس فئات أخلاقية متنوعة - الرعاية والعدالة والولاء والسلطة والنقاء.

تصرفات غير أخلاقية

وقال أحد مؤلفي الدراسة: "إن الأشخاص المخمورين يريدون القيام بأشياء غير أخلاقية أكثر من الأشخاص الرصينين، لكننا لاحظنا ذلك فقط في نوعين من السلوكيات: المتعلقة بإيذاء الآخرين والمتعلقة بما يسمى بانتهاكات الطهارة".
ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا الخمر كانوا أكثر عرضة بنسبة 4% للتفكير في إيذاء شخص أو حيوان آخر، وأكثر عرضة بنسبة 7% تقريبًا للانخراط في أعمال "نجسة"، وفق تعبير الباحثين.
وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، عالمة النفس ماريولا باروزيل-تشاتشورا: "لقد كان الخمر معنا منذ قرون، وهو شائع الاستخدام في العديد من الثقافات، ولكن من المدهش أن هناك القليل من الأبحاث لفهم كيفية تأثيره على الأخلاق البشرية".
ويتطلع باروزيل تشاشورا، الأستاذ المساعد في جامعة سيليزيا البولندية ومعهد علم النفس في كاتوفيتشي وباحث في مركز بنسلفانيا لعلوم الدماغ بالولايات المتحدة، إلى إجراء "المزيد من الدراسات حول هذا الموضوع".
وقال باروزيل تشاشورا لصحيفة "نيويورك بوست": "هذه الدراسات لها آثار عملية ضخمة" .

تفاصيل التجربة

وقام باروزيل تشاشورا واثنان من الباحثين المشاركين في جامعة سيليزيا في كاتوفيتشي وجامعة بنسلفانيا بفحص إجمالي 1079 متطوعًا قبل أن يستقروا على مجموعتهم النهائية المكونة من 329 مشاركًا قابلاً للحياة.
وقام مؤلفو الدراسة الثلاثة بعد ذلك بتقسيم المشاركين في المختبر إلى ثلاث مجموعات: مجموعة الاختبار التي أعطيت الكحول، ومجموعة المراقبة التي لم تعط أي شيء، ومجموعة الدواء الوهمي التي تم رش مشروباتها بالكحول لمحاكاة تجربة الخمر.
وبعد ذلك، طُلب من المشاركين في الاختبار إكمال مقياس قدسية الأسس الأخلاقية (MFSS) - وهو مقياس من ثماني نقاط يختلف عن الاستبيانات المستخدمة في الدراسات السابقة، والتي لم تفحص بوضوح الخطوط التي لن يتجاوزها الأشخاص.
وسئل المشاركون، على سبيل المثال، عما إذا كانوا "سيضعون دبوسًا في كف طفل لا يعرفونه" في فئة "الرعاية".
كما سئلوا عما إذا كانوا "سيقولون لا لطلب صديق لمساعدته على الانتقال إلى شقة جديدة، بعد أن ساعدك على الانتقال في الشهر السابق" لقياس "العدالة".
وبالنسبة لجميع الأسئلة، سُئل المشاركون في حالة سكر ورصانة عن مقدار الأموال التي سيحتاجون إليها لأداء المهمة المحددة، عبر ثماني إجابات تتراوح من "سأفعل ذلك مجانًا" (0) إلى "سأفعل ذلك مقابل مليون دولار" إلى "أبدًا بأي مبلغ من المال" (8).
وبعد الكثير من المعايرة الإحصائية، ولتقليل فرصة الإشارات الخاطئة، وجد الباحثون أن المجموعة "التجريبية" (السكارى) سجلت متوسط 6.01 في أسئلة "الرعاية"، مقارنة بـ 6.33 للمجموعة الضابطة و6.03 لمجموعة الدواء الوهمي.

النقاء الأخلاقي

أما فيما يتعلق بمسائل النقاء الأخلاقي، فقد سجلت المجموعة الضابطة متوسط 5.98 بينما سجلت المجموعة التجريبية 5.43.
وكمثال على أحد الأسئلة لاختبار النقاء، طلب الباحثون من الأشخاص الخاضعين للاختبار أن يتخيلوا أنهم يطلبون "حضور قطعة فنية أدائية حيث يتعين على جميع المشاركين (بما فيهم) التصرف مثل الحيوانات لمدة 30 دقيقة".
وتشمل القطعة الفنية الافتراضية جميع الحاضرين "الزحف عراة والتبول على المسرح".
وافترض الباحثون، أن عدم التغيير في الإجابات المتعلقة بالعدالة والولاء والسلطة قد يكون بسبب أن هذه الأخلاق تميل إلى الإشارة إلى القيم الأساسية.
وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية، التي نُشرت في مجلة "علم الأدوية النفسية" الخاضعة لمراجعة النظراء، "إن هذه الأسس هي عادةً الأكثر أهمية بالنسبة للناس، كما اقترحت الدراسات السابقة".
وأشاروا إلى أنه "أخيرًا، أجرينا تحليلًا استكشافيًا لتحديد العناصر الأكثر تميزًا بين المشاركين".
وبالنسبة لفئة الرعاية، كان السؤال الأكثر انقسامًا بين المشاركين هو ما إذا كانوا سيركلون كلبًا في رأسه بقوة أم لا.
بالنسبة لفئة النقاء، كان السؤال الأكثر إثارة للانقسام هو ما إذا كان الشخص الخاضع للاختبار "سيحصل على نقل دم بمقدار نصف لتر من الدم الخالي من الأمراض والمتوافق من شخص مدان بالتحرش بالأطفال".