الصيام ليس مجرد عبادة لكنه ركن من أركان الإسلام، وعليه فه يزكي النفس ويطهرها من ادرانها ويجعل المسلم موصولا بالله .
ولأن الصيام يقتضي الامتناع عما أحل الله بل وما حرم فهو يرتفع بالنفس درجات للكمال البشري فكأنه من الملائكة إن أحسن القيام به وأحسن عبادته وحقق الغاية منه وهي التقوى .فيفرح بأداء هذه الفريضة وينشرح لها صدره ويحسن خلقه مع غيره، ولا يكون عبدا لبطنه وشهوته، فإذا لم يتناول الطعام تغير مزاجه وساءت تصرفاته.
أيضا الصيام يقتضي أن تبتعد عن الحرام كالنظر إلى ما لا يحل النظر إليه والغيبة وغير ذلك، ومرتكب ذلك ناقص الثواب ما لم يفعل ما يفسد صومه فيفسد وعليه القضاء.
الصايم ركن ركين:
والصيام له مكانة عظيمة في الإسلام، فهو الركن الرابع منه بعد الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وله فوائد كثيرة.
ومن فوائد الصيام حصول المحبة والتماسك بين أفراد المجتمع، فأغنياء المسلمين عندما يجدون مس الجوع في صيامهم يجعلهم ذلك يتذكرون حال الفقراء الذين يتأثرون بالجوع في غالب أوقاتهم وليس في رمضان، فيترتب على ذلك أن يقوموا بالتصدق على هؤلاء الفقراء فيثمر ذلك محبة وألفة في المجتمع، وقد ثبت الترغيب في إفطار الصائم.
فرمضان من مواسم الخيرات التي امتن الله بها على عباده ليقوى إيمانهم وتزداد تقواهم، وتتعمق صلتهم بربهم؛ فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به... متفق عليه، وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية له: يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي.
فوائد الصيام:
ومعلوم أن هذا الترك للطعام والشراب والشهوة إنما هو في نهار رمضان، دون ليله، ليتحقق من وراء ذلك عدة فوائد جمة، لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق الصيام، فقد شرع الله الصيام لتهذيب نفس الصائم بكبحها عن شهواتها وفطامها عن مألوفاتها، ليُرَبي المسلم من خلال ذلك على قوة العزيمة ومضاء الإرادة، ويجعله متحكماً في شهوات نفسه وأهوائها، متمكناً من السيطرة عليها والإمساك بزمامها، بحيث لا يكون مستسلماً لها، بل مستسلماً لأوامر ربه خاضعاً منقاداً لنواهيه، مؤثراً لمحابه -سبحانه- مقدما لها على رغبات الجسد وشهواته، والشهوة الجنسية من أعظم شهوات الجسد التي يطالب المسلم بالتحكم فيها، وهذا ما يحققه الصوم.
يقول الإمام الرازي: إن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ودياستها، وذلك لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، فمن أكثر منه هان عليه هذان الأمران، وخفت عليه مؤونتهما، فكان ذلك رادعاً عن ارتكاب الفواحش والمحارم، وذلك جامع لأسباب التقوى.