التعصب للاسم أو قبيلة أو من الآفات العظيمة التي تعمي الإنسان غالبًا عن اتباع الحق وتجعله لا ينور للأمور إلى من منظور ضيق.
ولقد لفت النبي صلوات الله وسلامه عليه إلى هذا المعنى محذرا من مخاطر التعصب في أي شيء مبينا صلى الله عليه وسلم خطورة العصبية ودعوى الجاهلية، وحذر منها تحذيراً شديداً، من استوعبه لن يكون عنصرياً أبداً، فقد قال: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ "( رواه أبو داود)، وقال أيضا :" مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"(عند مسلم).
قال صلى الله عليه وسلم: " من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا" (عند النسائي وأحمد) أي اسمعوه كلاماً مستقبحاً يردعه عن غيه.
البعد عن مظاهر التعصب للجاهلية:
كما نبه على ذلك نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في حديث آخر قال: " أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفَخْرُ بالأحْسابِ، والطَّعْنُ في الأنْسابِ، والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ، والنِّياحَةُ"(مسلم).
وبهذا يعلم ان التعصب للجاهلية في اي شيء مرذول ويلزم تجنبه والابتعاد عنه.
كيف عالج النبي التعصب؟
ولقد بين النبي آثار التعصب .. وعالجه بحكمة فلما وقع التعصب في محضر الرسول تعام معها بشدة ففي الحديث: "ما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم؛ حتى كثرت فيهم القالة؛ حتى قال قائلهم: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم؛ لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت؛ قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار شيء، قال: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: يا رسول الله، ما أنا إلا امرؤ من قومي، وما أنا؟! قال: فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة، قال: فخرج سعد، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، قال: فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون، فردهم، فلما اجتمعوا أتاه سعد، فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، قال: فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال: يا معشر الأنصار، ما قالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها في أنفسكم؟! ألم آتكم ضلالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بل الله ورسوله أمن وأفضل، قال: ألا تجيبونني، يا معشر الأنصار؟ قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله؟ ولله ولرسوله المن والفضل، قال: أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم وصدقتم، أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار، في لعاعة من الدنيا، تألفت بها قوما ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار، أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله في رحالكم؟ فو الذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبا، وسلكت الأنصار شعبا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار! قال: فبكى القوم، حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا".
وبهذا يعلم أن التعصب ممقوت ويلزم البعد عنه والسعي في الحق بتجرد.