الصاحب.. لاشك تأثيره غير عادي على صاحبه، فقد يكون سببًا في دخوله الجنة، أو والعياذ بالله إلى النار.
عن سيدنا أبي موسى الأشعري : أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحْذِيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة»، فليختر كل منا من يصاحب، لأن صاحبه قد ينجيه وينقذه، وقد يورطه في المهالك.
ومن أهم صفات الصديق الصالح الإيمان والتقوى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« لاَ تَصْحَبْ إِلاَّ مُؤْمِناً»، وكل صحبة قامت على أساس غير سليم، كانت سببًا لندم صاحبها في الدنيا والآخرة، قال الله سبحانه وتعالى: « الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ».
قصة الشمع
يروى أن الشاعر أبو اسحاق الغزي نظم بيتًا بشكل سؤال فقال: (مالي أرى الشمع يبكي في مواقده.. من حرقـة النار أم من فرقة العسلِ ؟)، فأعلنت إحدى الصحف عن جائزة لمن يستطيع الإجابة على هذا السؤال أجاب بعض الشعراء بأن السبب هو الألم من حرقة النار، وأجاب آخرون إن السبب هو فرقة الشمع للعسل الذي كان معه ولكن أحداً لم يحصل على الجائزة.!.. وما إن بلغ الخبر الشاعر صالح طه حتى أجاب بقوله : (من لم تجانسْه فاحذر أنْ تجالسَه.. ما ضر بالشـمع إلا صحبة الفتـلِ)، وفاز بالجائزة.. ذلك أن سبب بكاء الشمع وجود شيء في الشمع ليس من جنسه وهو الفتيلة، التي ستحترق وتحرقه معها وهكذا يجب علينا انتقاء من نجالسه ويناسبنا من البشر حتى لا نحترق بسببهم ونبكي يوم لا ينفع الندم أو البكاء.
اقرأ أيضا:
"إلي مثواه الأخيرة " خطأ شرعي فتجنبه ..لهذه الأسبابأعظم النعم
فمما لاشك فيه أن الصاحب هو أعظم النعم التي يحصل عليها العبد المؤمن في الدنيا، إذ يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة.. خيرًا من أخ صالح،، فإذا وجد أحدكم ودًا من أخيه فليتمسك به »، وإياك عزيزي المسلم أن تختار صديقًا يبعدك عن طريق الله عز وجل، فتخسر الدنيا والآخرة.
قال تعالى يحذرنا من ذلك: «إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ » (العنكبوت: 25).
وها هو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يبين لنا أن أفضل الأصدقاء عند الله أفضلهم لصاحبه. فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ الأصحابِ عند الله تعالى خيرُهم لصاحبه، وخيرُ الجيرانِ عند الله تعالى خيرُهم لجاره».