وأجابت دار الإفتاء بأنه "اتفق الفقهاء على أن قراءة القرآن ينبغي أن تكون بحركة اللسان، وأن القراءة بالنظر والقلب هي تدبر وتفكر لا قراءة، واقتصر المالكية -والكرخي من الحنفية وابن تيمية من الحنابلة- على حركة اللسان وإن لم يسمع نفسه، وقال المالكية: إن الأولى أن يسمع نفسه، وزاد الحنفية والشافعية والحنابلة أنه لا بد للقارئ أن يسمع نفسه؛ لأن مجرد حركة اللسان لا يسمى قراءة إن كانت بلا صوت؛ لأن الكلام اسم لمسموع مفهوم".
وأضافت: "والأخرس العاجز عن النطق فليس عليه تحريك لسانه، وإن كان يستطيع تحريك لسانه، فعند المالكية والحنابلة -وهو الصحيح عند الحنفية- لا يجب على الأخرس تحريك لسانه، وإنما يُحرِم للصلاة بقلبه؛ لأن تحريك اللسان عبث، ولم يرد الشرع به".
واوضحت: "وإن أشار الأخرس تعبيرًا عن القراءة فإن إشارته تقوم مقام نطقه؛ لأنها تبين المراد كالنطق؛ قال الإمام الزركشي في "المنثور في القواعد" (1/ 164، ط. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت): [وكان السبب فيه أن الإشارة فيها بيان ولكن الشارع تعبَّد الناطقين بالعبارة فإذا عجز الأخرس -بخرسه- عن العبارة أقامت الشريعة إشارته مقام عبارته] اهـ.
اقرأ أيضا:
هل جاء في الإسلام أن صوت المرأة عورة؟وقال الامام العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (2/ 135، ط دار الكتب العلمية): [وأما إشارة الأخرس المفهمة فهي كصريح المقال إن فهمها جميع الناس، كما لو قيل له: كم طلقت امرأتك؟ فأشار بأصابعه الثلاث، وكم أخذت من الدراهم؟ فأشار بأصابعه الخمس] اهـ.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (2/ 127، ط. عالم الكتب): [وإشارة الأخرس المفهومة كلام] اهـ.
وقال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 54، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال الحافظ النسفي رحمه الله: إيماء الأخرس وكتابته كالبيان...؛ لأن الإشارة إنما تقوم مقام العبارة إذا صارت معهودة، ... وإذا كان إيماء الأخرس وكتابته كالبيان -وهو النطق باللسان- تلزمه الأحكام بالإشارة والكتابة، حتى يجوز نكاحه وطلاقه وعتقه وبيعه وشراؤه، إلى غير ذلك من الأحكام؛ لأن الإشارة تكون بيانًا من القادر على النطق، فالعاجز أولى، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم بين الشهر بالإشارة حيث قال: «الشَّهْرُ هَكَذَا» وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ] اهـ.
واعتبرت أن "كل هذه النقول السابقة تبين أن الإشارة المفهمة من الأخرس تقوم مقام كلامه، وإذا ثبت أن إشارة الأخرس ككلامه، فرع المالكية على هذا -وهو الصحيح عند الشافعية- أنه لو أشار الأخرس بكلام فإن صلاته تبطل".
وخلصت دار الإفتاء إلى أن "إشارة الأخرس كنطقه في التعبد، ويحرم عليه الإشارة بالقرآن وهو جنب، وتحرم على الخرساء الإشارة بالقرآن وهي حائض على مذهب الجمهور، وتجوز عند المالكية".
والله سبحانه وتعالى أعلم.