مما ثبت في الشرع الحنيف وما جاءت به الأحاديث ما يسمى بالقنطرة يوم القيامة أو قنطرة المظالم والقصاص.. فما القنطرة وأين توجد وما وظيفتها؟
قنطرة المظالم:
القنطرة تطلق في اللغة على الجسر كما قال صاحب اللسان، وقد ذكر العيني في شرح البخاري عند الكلام على حديث البخاري السابق أن ابن التين قال: القنطرة كل شيء ينصب على عين أو واد، وذكر أن القرطبي سماها الصراط الثاني.
أين تقع قنطرة المظالم؟
وتقع قنطرة المظالم ما فهم من الأحاديث بين الجنة والنار أي بعد عبور المؤمنون الصراط وبهذا يعلم أنه لا يعبر عليها إلا من نجاه الله من النار ليدخل الجنة فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خلص المؤمنون من النار، حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة. فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل بمنزله كان في الدنيا.
الغرض من القنطرة:
القصاص نوعان: قصاص عام وهو الذي يكون بين جميع الخلائق قبل عبور الصراط، وقصاص خاص وهو للمؤمنين فقط، بعد عبورهم الصراط، وقبل دخول الجنة، والغرض منه تهذيبهم وتنقيتهم قبل دخول الجنة، وقيل إنه لمن عليهم تبعات يسيرة لا يستحقون بها الدخول في النار.
وقد أيد هذا ما جاء في مجموع الفتاوى لابن عثيمين: فيقتص لبعضهم من بعض ـ وهذا القصاص غير القصاص الأول الذي في عرصات القيامة، لأن هذا قصاص أخص، لأجل أن يذهب الغل والحقد والبغضاء التي في قلوب الناس، فيكون هذا بمنزلة التنقية والتطهير وذلك لأن ما في القلوب لا يزول بمجرد القصاص، فهذه القنطرة التي بين الجنة والنار، لأجل تنقية ما في القلوب، حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل، كما قال الله تعالى: "وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" {الحجر: 47}.
الظلم ظلمات يوم القيامة:
وإذا علم أن هناك قنطرة مخصوصة لأجل القصاص للمظالم الذي وقع فيها بعض المسلمين من بعضهم فإنه هذا يستدعي التنبه ورد المظالم الآن قبل ألا يكن درهم ولا متاع وبدلا أن يعرض المسلم نفسه للخسارة فليتحلل مما عليه الآن وليبادر برد المظالم لأهلها فالله تعالى وفي الحديث: اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ".
ومن دقة رد المظالم ما جار في الحديث الشريف لتؤدُّنَّ الحُقوقُ إلى أَهلِها يومَ القيامةِ ، حتَّى يُقتَصُّ للشَّاةِ الجَمَّاءِ ، مِنَ الشَّاةِ القَرناءِ بِنَطحِها".