أنا مسلم من دولة عربية، مقيم بالولايات المتحدة الأميركية، ومتزوج من أمريكية. لما تزوجتها كانت مسلمة محجبة لا تأكل إلا الحلال من الطعام، ولا تشرب الخمر. وقد كنت سعيدا غاية السعادة أن أراها على ذلك الحال، وكنا نتعاون على أمور الدين والدنيا. ومع مرور السنين صارت تعيش مشاكل مع عائلتها، وصارت تحس أن المجتمع ينظر إليها نظرة مغايرة على اعتبار أنها ترتدي الحجاب.
ففاجئتني أنها ترغب في عدم ارتداء الحجاب، وأنها ستبقى مسلمة بدون حجاب. وعلى الرغم من تنبيهي لها إلى خطورة الأمر أصرت على خلع الحجاب. كما أنها توقفت عن أكل الذبيحة الحلال. فقلت في نفسي سأصبر معها، وأحاول إنقاذها. لكن الأمور زادت استفحالا، فبدأت تشرب الخمر، وكلما تحدثت معها عن هذه الأمور تقول لي: إنها مسلمة، وإن الله غفور رحيم، صحيح أن الله غفور رحيم، لكن الإصرار على أمر مخالف للدين هو أمر يوجب العقاب لا المغفرة، وأمام تعنتها، قررتُ الطلاق، هل قولها إنها لا زالت مسلمة؛ رغم ما تفعله من أمور مخالفة لديننا الإسلامي يبقيها على ملة الإسلام؟ وهل طلاقي لها لا أتحمل فيه أية مسؤولية أمام الله؟
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: الأصل أن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول عنه إلا بيقين مثله. وخلع الحجاب، وأكل الذبائح المحرمة، وشرب الخمر من المنكرات العظيمة، ولكنها لا تخرج صاحبها عن دائرة الإسلام، إلا إذا استحلها.
ونوصيك بالصبر عليها، وعدم التعجل لطلاقها، وخاصة إن كنت قد رُزِقْتَ منها الأولاد، بل استمر في نصحها برفق ولين، وذكرها بالله وأليم عقابه إن هي لقيت ربها على هذه الحال، وأن الدين رأس مال المسلم، وأنه أغلى من أن يضيعه لدنيا رخيصة، أو بسبب ضيق وحرج تجده من الناس. وقد أحسن من قال: فالدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران
ونصح المركز الزوج السائل فقال: وبيِّن لها أنها إن ضيق عليها في هذا البلد، فهي في سعة في أن تهاجر لبلد مسلم، تستطيع فيه إقامة دينها في غير حرج، ويمكنك البحث عن سبيل للهجرة بها، ومحاولة إقناعها بذلك.
والطلاق يكره إن لم تدع إليه حاجة، فإن دعت إليه حاجة؛ فإنه مباح.
المركز قال في فتوى سابقة : إن الأصل بقاء المرء في حظيرة الإسلام ما لم يرتكب ما يتحقق من كونه مخرجا من الملة، والمسلم مهما كثرت ذنوبه ولو كانت من الكبائر فإنه ترجى له المغفرة، فإن الكبائر لا تخرج صاحبها عن الملة، إلا أن يستحلها، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته: وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين، وهم في مشيئته وحكمه: إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ـ وإن شاء عذبهم في النار بعدله ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلى جنته، وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته. انتهى.
فإذا علمت هذا فالواجب على كل مسلم أن يتجنب الذنوب صغيرها وكبيرها، فإن الصغائر تجر إلى الكبائر، وقد تكون المعصية صغيرة في نفس العبد وهي من الكبائر وهو لا يشعر، كما قال تعالى: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ {النور:15}.
اقرأ أيضا:
ما حدود عورة المرأة أمام النساء؟اقرأ أيضا:
هل جاء في الإسلام أن صوت المرأة عورة؟