الخائن لا عهد له لا يبارك الله سعيه بل يضل سعيه ويوكل لنفسه وهو لا لشيء سوى أنه خائن قال تعالى: { وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ } (يوسف: 52) أي: لا ينفذ الله كيده ولا يُسدِّدُه، بل يبطله ويزهقه، فقد جرت سُنَّة الله في الكون على أنَّ فنون الباطل وإن راجت أوائلُها لا تلبث أن تنقشع.
ولا يتصور أن يكون المؤمن الذي يحبه الله تعالى خائنا بل لابد أن يكون أمينًا مع الله ومع نفسه ومع الآخرين.
صور الخيانة:
والخيانة قد يقع في الإنسان ولا يدري أنها ذنب كبير فهو يستهين بها ويتعامل فيها بلا اكتراث ولا اهتمام ومن أشهر صورها ان تخون من استشارك وطلب منك النصح يقول - صلى الله عليه وسلم - : "... ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشدٍ فقد خانه" ، فالمستشار مؤتمن ، فإن أشار بخلاف ما يرى أنه الأصلح فقد خان.
ومن صورها أيضا أن تسعى لتمكين من لا يصلح لمهمة ما جريا وراء مكسب مادي زائل
فتمكن من لا يستحق فلا يكون المعيار كفاءة الرجا ، وإنما القرابة أو المحبة أو غيرها.
وقد أشار النبي لهذا المعنى لما يقع في ال المجتمعات الإسلامية من هذه الآفة التي هي خيانة لأنه ضيع الأمانة بفعله يقول - صلى الله عليه وسلم - : "فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة" قيل : كيف إضاعتها ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : "إذا وسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة" (رواه البخاري).
الخيانة من الكبائر:
ولاشك أن الخيانة من كبائر الذنوب، بل هي من النفاق العملي :"آية المنافق ثلاث ، إذا حدَّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان"، يقول الذهبيُّ رحمه الله: "والخيانة قبيحة في كلِّ شَيء، وبعضُها شَرٌّ من بعض، وليس من خَانك في فلْس كمن خانك في أهلك ومالك، وارتكب العظائم".
لا يحب الله الخائنين:
ويكفي الخائن سوءا ان الله تعالى لا يحبه فهو بغيض إلى الله بغيض إلى الناس وقد أكَّد الله تعالى في كتابه عدم محبته ورضاه عن الخائنين عمومًا، فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ }(الأنفال: 58)، وخصَّ بعدم الرِّضا والمحبَّة أولئك الذين صارت خيانة العهود والعقود لهم خُلقاً وطبعاً فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} ( الحج: 38 ). وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (النساء:107). والخوَّان هو الذي تتكرر منه الخيانة بحيث صارت خلقا ملازما له.
انتشار الخيانة من علامات الساعة:
ولو انتشرت الخيانة كان ذلك علامة لقرب قيام الساعة فحين يؤتمن الخائن، ويخوَّن الأمين، فقد أتى على الناس السنون الخداعة التي حذر منها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - بقوله : "سيأتي على الناس سنون يُصدق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويخوَّن الأمين، ويؤتمن الخائن، وينطق فيها الرويبضة " قيل : يا رسول الله ، وما الرويبضة ؟ قال : "السفيه يتكلم في أمر العامة".
أهل الخيانة للعهود والأمانات، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُوشِك أن يأتي زمانٌ يُغَربَل النَّاسُ فيه غَربلةً، تبقى حُثَالةٌ من النَّاس قد مَرِجَت عهودُهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا"، وشبك بين أصابعه، فقالوا كيف بنا يا رسول الله؟ قال: "تأخذون ما تعرفون، وتَذَرُون ما تُنكِرُون، وتُقْبِلُون على أمر خاصَّتكم، وتَذَرُون أمرَ عامَّتِكم" (أبو داود وغيره).