ما حكم من يترك المعاصي لأنه يشعر أنه سيعاقب في الدنيا بعقاب معين؛ كأن يمرض والده مثلا؟ وهل هذا من سوء الظن بالله؟
قال مركز الفتوى بإسلام ويب: إن ترك المسلم للمعصية خشية أن يصيبه الله بعقاب معجل في الدنيا؛ هو ترك مشروع مثاب عليه، والقرآن العظيم مليء بالنصوص التي تخوف العباد من العقوبات الدنيا العاجلة. ومن ذلك: النصوص التي فيها ذكر العقوبات التي أصابت الأمم السابقة.
واعلم أن ترك المعصية لا يفتقر إلى الإخلاص والنية للسلامة من عقوبة المعصية وتبعتها، وإنما يفتقر إلى النية في حصول الثواب والأجر على الترك، على أن بعض العلماء ذكر احتمالًا أن يثاب المسلم على ترك المعصية ولو دون نية.
وأما معقابة العاصي بإمراض والده؛ فلا نعلم ما يدل عليه في الشرع، ومن سوء الظن بالله اعتقاد أنه يعاقب أحدا بغير جرم أو بجرم غيره.
قال ابن القيم في زاد المعاد: ومن ظن به أنه يغضب على عبده ويعاقبه ويحرمه بغير جرم، ولا سبب من العبد؛ إلا بمجرد المشيئة، ومحض الإرادة؛ فقد ظن به ظن السوء.
المركز قال في فتوى سابقة: اعلم أن الله قوي شديد العقاب، وهو سبحانه عزيز ذو انتقام، وبطشه شديد، ولتعلم أن الذنوب مهلكة، ورب ذنب أوجب لصاحبه هلاكا لا ينجو بعده، والمعصية تطبع على قلب العبد وتبعده عن الله، وتقوده إلى الزيغ عن دين الله، وتقوده إلى معاص أعظم منها.
وهل تأمن أن يختم لك وأنت على معصيتك؟ فالمعصية لذتها يسيرة فانية، وحسراتها طويلة باقية.
قال ابن القيم: فمما ينبغي أن يعلم، أن الذنوب والمعاصي تضر، ولا بد، وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي ؟ فما الذي أخرج الأبوين من الجنة، دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟ وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه، ومسخ ظاهره وباطنه فجعل صورته أقبح صورة وأشنعها، وباطنه أقبح ؟ ... وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رأس الجبال؟ وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ما مر عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟ .
واستحضر عقوبات المعاصي في الدنيا، ومنها كما قال ابن القيم: قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع إجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل، وإهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يفسدون القلب ويضيعون الوقت. وطول الهم والغم، وضنك المعيشة، وكسف البال تتولد من المعصية والغفلة عن ذكر الله كما يتولد الزرع عن الماء والإحراق عن النار.
اقرأ أيضا:
ما حدود عورة المرأة أمام النساء؟اقرأ أيضا:
هل جاء في الإسلام أن صوت المرأة عورة؟