يسأل أحدهم: (هل يجوز نضيف في التشهد لفظ سيدنا قبل محمد ؟.. يعني نقول (اللهم صل على سيدنا محمد ؟).
كثير من الناس بالفعل يضيفون عبارة "سيدنا" مقترنًا باسم النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم (محمد)، إلا أن هذا الأمر فيه قولان لأهل العلم، القول الأول بالمنع وهو قول المالكية واختاره ابن حجر العسقلاني ودليلهم على ذلك، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم علم صحابته التشهد من غير لفظ سيدنا، واعتمدوا في ذلك على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسيدوني في الصلاة».
أما القول الثاني إنه يستحب زيادة لفظ سيدنا وهذا قول الشافعية والحنفية واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم، بالفعل سيد العالمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولَد آدم يوم القيامة، وأول مَن يَنشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفَّع».
الأدب مع النبي
لكن على الجميع أن يعوا يقينًا أن الأدب مع النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، مقدم على الامتثال، مثلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدنا أبا بكر رضي الله عنه، يصلى إمامًا بالمسلمين أثناء مرضه، فأبو يكر رفض بحجة أنه لا يستطيع أن يتقدم أمام النبي فحتى لو لم يرد لفظ سيدنا فمن باب التوقير يجب أن نضيفه، خصوصًا أن حديث (لا تسيدوني في الصلاة) حديث ضعيف.
إذن ما هو الصواب في ذلك؟.. أصحاب القولين اتفقوا على أن الصلاة صحيحة على كل حال سواء زودت لفظ سيدنا أو لا، وبما أن جميعهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبًا جمًا، ويريدون الوصول لأفضل شيء في العبادة، فإنك لو لم تقل من باب الالتزام بما علمنا به النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فأنت مأجور، وإن زدت من باب التوقير فأنت مأجور كذلك، ومن ثمّ اختر ما يرتاح له قلبك.
اقرأ أيضا:
ما حدود عورة المرأة أمام النساء؟إطلاق لفظ السيادة
إذن من يطلق السيادة له صلى الله عليه وسلم إنما يخبر بحق وصدق ، لا يماري في ذلك مسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن الحسن بن علي رضي الله عنه : ( إِنَّ ابنِي هَذَا سَيِّدٌ )، وقال للأنصار لما جاء سعد بن معاذ : ( قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُم )، بل قد أطلق الصحابة رضوان الله عليهم السيادة لبعضهم ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أَبُو بَكرٍ سَيِّدُنَا وَأَعتَقَ سَيِّدَنَا : يعني بلال بن رباح )، فكيف لا يقال بعد ذلك عن أشرف الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه ( سيدنا )؟!.
وأما حديث عبد الله بن الشخير أنه قال : ( انطَلَقتُ فِي وَفدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقُلنَا : أَنتَ سَيِّدُنَا . فَقَالَ : السَّيِّدُ اللَّهُ . قُلنَا : وَأَفضَلُنَا فَضلًا ، وَأَعظَمُنَا طَوْلًا ( أَي شَرَفًا وَغِنًى ) . فَقَالَ : قُولُوا بِقَولِكُم أَو بَعضِ قَولِكُم ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيطَانُ )، فليس فيه المنع من إطلاق ( سيدنا ) على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن السياق ظاهر في أنه صلى الله عليه وسلم خشي أن يجرهم إطلاق هذه الأوصاف إلى التعدي على مقام الربوبية ، فأعاد السيادة لله تعالى ؛ لينبههم على أنه سبحانه صاحب السيادة المطلقة ، فلا تغلوا في حقي فترفعوني إلى مقام الربوبية.