أشعر أن أبي يُكلِّم امرأة بدون علم أمي، ولا أريد أن أظلمه. فهل أتتبعه؛ لأتأكد، وأنصحه إن كان غير متزوج بها أن لا يستمر في الحرام؟
أعلم أن من حق الزوج الزواج بثانية حتى ولو بدون علم الأولى. فهل أتأكد من هذا الأمر؛ كيلا أكون ظالمًا له بظن السوء، أم أستر عليه؛ للحديث الوارد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: من ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة؟
الإجابــة:
تبين لجنة الفتوى بإسلام ويب أن على المسلم أن يبتعد عن سوء الظن بالآخرين، وعن التجسس عليهم، وتتبع عثراتهم .. فهذه أخلاق ذميمة، نهى الله -عز وجل- عنها في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم.
وتضيف: كما أن الستر على المسلم واجب إذا لم يكن مشهورا بالفسق، وهو من الأخلاق التي يحبها الله، ويحض عليها الشرع، كما جاء في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:.. مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدنيا والآخرة.."
ولا سيما إذا كان الأمر يتعلق بأحد الأبوين اللذين هما أحق الناس بالبر والستر، وحسن الظن ..
الحاصل:
وعليه فلا يجوز لك تتبع أبيك والتجسس عليه؛ لتتحقق من هذا الشعور أو الظن.. لما جاء في الحديث: وإذا ظننت فلا تحقق. رواه الطبراني في الكبير.
لكن إن تبين لك أن ما يفعله أبوك مخالف لشرع الله -تعالى- فعليك أن تنصحه بلطف وأدب واحترام، وخفض جناح، كما أمر الله في قوله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24}.
وقال ابن مفلح -الحنبلي- رحمه الله- في الآداب الشرعية: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ.