شرَّع الإسلام الطَّهارة وجعلها استهلالاً واستباحةً للعديد من العبادات، مثل: الصَّلاة، والطّواف في البيت الحرام، وقراءة القرآن، وقد بيَّن الإسلام كيفيَّة الطّهارة، ودواعي وجوبها، واستحبابها، وشروطها، ونواقضها، كما ميَّز جوانب الطَّهارة للذّكر والأُنثى، وحفِظ خصوصيّة كلٍّ منهما في شتّى الظّروف والأحوال، والطّهارة هي تعميم الماء والاغتسال به.
أما موجبات الغسل الخاصة بالمرأة وحدها فهي ثلاثا: الحيض والنفاس والولادة. وأما ما تشترك به المرأة مع الرجل من موجبات الغسل فهي ثلاث أيضا: الجماع أو إنزال المني أو الموت.
أنواع موجبات الغسل الخاصة بالمرأة وحدها:
1-الحيض: وهو نزول الدم من رحم المرأة في أيام معينة كل شهر عبر المهبل (الدورة الشهرية). ودليل مشروعية هذا الغسل في القرآن الكريم قوله تعالى: "(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ، نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" سورة البقرة الآية 222-223. و(الْمَحِيضِ) هو مكان الحيض أي الفرج، حـيـث أن السـؤال كان عن مباشرة النساء أيام الحيض، فأمر الله سبحانه باعتزالهن بالنسبة للجماع وليس باعتزالهن في غير ذلك. ويكون هذا الإعتزال في الجماع فقط حتى ينقطع الدم وتغتسل المرأة بنية الطهارة من الحدث.
2-النفاس: وهو الدم الخارج عقب الولادة ويستمر عند أغلب النساء لمدة أربعين يوما. ودليل مشروعيته هي نفس الآية الكريمة السابقة؛ حيث أن الحيض معناه نزول الدم، واتفق العلماء على أن النفاس كالحيض في جميع ما يحل ويحرم ويكره ويندب. قال الإمام الشافعي: "وتغتسل الحائض إذا طهرت، والنفساء إذا انقطع دمها".
3-الولادة: إذا ولدت المرأة سواء ولادة طبيعية أو ولادة قيسرية، أو أجهضت بعلقة (بعد مرور أربعين يوما على تلقيح البويضة) أو مضغة (بعد مرور ثمانين يوما على تلقيح البويضة) فيجب عليها الغسل حتى إن لم تنفس (أي ينزل دم النفاس).
أنواع موجبات الغسل المشتركة بين المرأة والرجل:
4-الجماع: فيجب فيه الغسل على اختلاف الحالات؛ نوم أو نسيان أو إكراه، ولو حتى كان بدون إنزال. ودليل ذلك حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ "، وفي رواية عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي عليه السلام قال: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ، وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ". ومعنى الحديث هو إتمام الجماع وليس مقدماته.
5-إنزال المني: ويكون فيه الغسل على اختلاف أسباب نزوله؛ بجماع أو احتلام أو استمناء أو نظر، سواء كان بشهوة أم لا، أو كان كثيرا أو بضع قطرات. ولا يعرف مني المرأة إلا بالتلذذ أو رائحته أو فتور الشهوة عقب نزوله. والدليل حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: "جاءت أم سليم إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقالت " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟" فقال رسول الله: "نعم، إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ". فقالت أم سلمة: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ تَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟" فقال رسول الله: "نَعَمْ تَرِبَتْ يداك فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا؟".
6-الموت: وهو مفارقة الروح للجسد. والدليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أن رجلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله: "اغسلوه بماء وسدر".
اقرأ أيضا:
هل توجد سورة في القرآن لتقوية الذاكرة وعلاج النسيان؟ (الإفتاء تجيب)