كل آيات القرآن الكريم يجب على المسلم أن يحبها، وأن يحب سماعها طوال الوقت، فالقرآن هو الوقاية والحماية في كل أمور ابن آدم سواء في الدنيا أو في الآخرة، ولكن قد يتوقف البعض أمام آية بعينها، قد تحمل معانٍ نحتاجها طوال الوقت، ومن ثمّ يُنصح بقراءتها في كل وقت وحين.

ومن هذه الآيات التي يجب على المسلم أن يكرر سماعها بين الوقت والآخر، وأن يحفظها عن ظهر قلب، قوله تعالى: «وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰٓ» (طه - 37)، لأنها دائمًا م تذكرنا بأن الله سبحانه وتعالى سيعيد علينا النعم مرات ومرات، وأنه عز وجل لم ينعم علينا مرة واحدة، ولم يرزقنا لمرة واحدة، ولم يلطف بنا لمرة واحدة، وإنما الحياة كلها نِعَم وأرزاق وكرَم وألطاف مُتجددة، في كل يوم وكل وقت.

آية تبعث الطمأنينة

فلو تدبرنا هذه الآية جيدًا، لوصلنا إلى الإحساس بأنها تعطي انطباعًا غير عادي بالطمأنينة، وبالتالي فإن استشعارك عزيزي المسلم لمنّ المولى عز وجل عليه عبادة عظيمة، وفي إيمانك بعطاياه طمأنينة لا تنقطِع، فالمنان اسم من أسماء الله تعالى، لما روى أحمد وأبو داود وابن حبان عن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي، ثم دعا : (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم)، فقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»، ومعنى المن إذا وصف به الله سبحانه وتعالى ، قيل منّان مُنعم، وقيل الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال، وقيل الكثير العطاء.

اقرأ أيضا:

ما الفرق بين النفخة الأولى والثانية؟ وما معنى صعق؟ وما حالة الأموات في القبور قبل نفخة البعث؟!

المن من الله

ومن غريب هذه الآية العظيمة، أن الإنسان يتقبل المن من الله عز وجل، إلا أنه يرفضه ويتأذى إذا منّ عليه إنسان آخر مثله، لذلك فقد نهى الشرع الحنيف أن يمن العبد على الناس وذم الله ذلك وأخبرنا أنه يحبط العمل، فقال سبحانه: «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (البقرة:262-264).

وقد وردت الأحاديث بالنهي عن المن بالصدقة، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المنان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب»، وفي الحديث: « لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر».