يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِىٓ أَيَّامٍۢ نَّحِسَاتٍۢ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْءَاخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ» (فصلت - 16)، ويقول أيضًا في آية أخرى: «أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ۙ ثُمَّ لَا تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِۦ تَبِيعًا» (سورة الإسراء).
فما معنى العقيم والصرصر، وما معنى العاصف والقاصف، ولماذا ربط الله عز وجل بينهم وبين الريح في كلا الآيتين؟
العقيم والصرصر هما الريح في البر، بينما العاصف والقاصف هما الريح في البحر، قال تعالى يوضح ذلك: «وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ» (الحاقة 7).
ريح صرصرًا
والريح الصرصر، أي باردة تحرق ببردها كإحراق النار، مأخوذ من الصر وهو البرد، وقيل، إنها الشديدة الصوت، فيما قال مجاهد إنها الشديدة السموم، أما " عاتية " أي عتت على خزانها فلم تطعهم ، ولم يطيقوها من شدة هبوبها، وغضبت لغضب الله، وقيل عتت على عاد فقهرتهم.
وقد روى سفيان الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أرسل الله من نسمة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سبيل - ثم قرأ - (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية والريح) لما كان يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل - ثم قرأ - (بريح صرصر عاتية) ».
اقرأ أيضا:
هكذا نجا نبي الله موسي من القتل .. تعرف علي دور أمين الوحي جبريل في انقاذهجنود الله
الريح هي أحد جند الله عز وجل، يستخدمها وقتما شاء، وأينما شاء، فقط يقول للشيء (كن فيكون)، ومن ذلك الريح القاصف، وهي الريح الشديدة التي تكسر بشدة، وقيل: "من قصف الشيء يقصفه، أي كسره بشدة، والقصف يعني الكسر في اللغة، ويقال : قصفت الريح السفينة، بينما "ريح قاصف" تعني ريح شديدة، ورعد قاصف يعني شديد الصوت، ويقال : قصف الرعد وغيره قصيفا، والقصيف هو هشيم الشجر، والتقصف هو التكسر، والقصف أيضًا هو اللهو واللعب، وفي ذلك يقول تعالى: «إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّآ ءَالَ لُوطٍۢ ۖ نَّجَّيْنَٰهُم بِسَحَرٍۢ» (القمر - 34)، أي أفحسبتم بخروجكم إلى البر أمنتم من انتقامه وعذابه أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبًا وهو المطر الذي فيه حجارة.