تشهد غالبية حفلات الخطوبة قيام الخطيب باحتضان خطيبته، وبات الأمر عادة مكررة، وكأنه يجوز فعل ذلك، ونسينا أن الخطيب مازال غريبًا عن خطيبته، طالما أنه لم يكتب عليها بعد، ولم يتمم الزواج بها، وبعد أن كان البعض يرفض تواجد (المكتوبي كتابهم) معًا، لحين زفافهما إلى بعض، باتت الخطبة مفتاحًا للعديد من الأمور التي قد يعترضها الشرع، ويراها أهل العلم تحايلاً على دين الله وفروضه.
فالأصل في الكلام بين المخطوبين عدم المنع، إلا أن له حدودًا لابد لكليهما من الوقوف عندها، وعدم تجاوزها، ومنها (أن يكون فيما يُحقق مصلحة الزواج بقَدر الحاجة، ودون تجاوزها، وألا تكون بينهما خلوة، وأن تلتزم المرأة بالضوابط الشرعية من الحِشمة، والحياء، وغيرها من الأمور التي تحفظ للمرأة مكانتها وقدرها، وألا تقع المصافحة بينهما، وأن يتجنبا الخضوع في القول، وأن يأمن كل منهما الوقوع في الفتنة).
اظهار أخبار متعلقة
النظر إلى المخطوبة
وليعلم كل خاطب، أن الإسلام أجاز النظر إلى المخطوبة، لقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إذَا ألقَى اللَّهُ في قلبِ امرِئٍ خطبةَ امرأةٍ، فلا بأسَ أن ينظُرَ إليه»، لكنه لم يجز لمسها أو حضنها، على أن يكون النظر إلى وجه المخطوبة وكفيها، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: «كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأتَاهُ رَجُلٌ فأخْبَرَهُ أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأنْصَارِ، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَنَظَرْتَ إلَيْهَا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا، فإنَّ في أَعْيُنِ الأنْصَارِ شيئًا».
والأمر الوارد في الحديث ينصرف إلى الوجه والكفين، إذ إن الوجه أجمل ما في البدن، أما الكفان فهما ظاهران عادةً، كما يجوز للخاطب أن ينظر إلى من يرى خِطبتها دون علمها، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطبَ أحدُكُمْ امرأةً، فلا جُناحَ عليهِ أنْ ينظرَ إليها إذا كان إِنَّما ينظرُ إليها لِخِطبَتِهِ، وإنْ كانَتْ لا تعلمُ».
الأحضان والقبلات
أما ما بدا يتكرر هذه الأيام من أحضان وقبلات، فإن الأمر لا يليق بمجتمع مسلم، فضلاً عن كونه أمرًا محرمًا لا غبار في ذلك، وهي أمور وضع الضرع لها ضوابطها، فيجب التمسك بهذه الضوابط، فالخطبة إنما هي مجرد وعد بالزواج لا ترتب أثرًا بين الخاطبين يبيح ما هو محرّم، ولكنها تعتبر مبررًا للتواصل بالهاتف أو بالرسائل أو بالزيارات مع الاحتفاظ بالضوابط الشرعية المعروفة.
والأصل الشرعي في كل ذلك أن الخاطبين قبل العقد يعتبران غريبين تمامًا، وبعد العقد فقط يعتبران زوجين ويحل لهما كل الأمور الزوجية التي يحلها الشرع، قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21).