عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : تزوجت ؟ قلت : نعم ، قال بكرا أم ثيبا ؟ قلت : بل ثيبا قال أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ؟ قلت : إن لي أخوات فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن وتمشطهن وتقوم عليهن قال أما إنك قادم فإذا قدمت فالكيس الكيس.
والحديث يبين أن الأفضل للشاب أن يتزوج بِكرًا لم يسبق لها الزواج، لكن كيف بالمرأة التي سبق لها الزواج، هل تمتنع عن الزواج بشاب أصغر منها، أو لم يسبق له الزواج؟.. والحقيقة هذه من خرافات هذه الأيام، إذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من هو، تزوج أولى زوجاته وهو شاب لم يسبق له الزواج، بامرأة سبق لها الزواج من قبل وهي السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، إلا أنها كانت نعم وخير الزوجة التي أعانت زوجها على متاعب الحياة.
ما العيب؟
إذن ما العيب في أن تتزوج المرأة من يصغرها سنًا، وبالتالي فإن فارق السن بين الرجل والمرأة لا يترتب عليه شيء من أمر الزواج، فقد تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله عنها وكانت تكبره بخمس عشرة سنة، وتزوج عائشة وهي أصغر منه بسنين كثيرة.
فالذي أرشد إليه الإسلام ورغب فيه هو مراعاة جانب الخلق والدين وابتغاء صاحبهما وصاحبتهما، فمن كان متدينًا ذا خلق ودين فقد استجمع أهم الشروط والصفات المعتبرة، ولا ينبغي رفضه لفارق السن أو ضيق ذات اليد أو نحو ذلك، فلا اعتبار لفارق السن بين الزوجين أو غيره من الفوارق الاجتماعية.
ولقد أرشدنا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، إلى حسن اختيار الزوج بقوله: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، وعند النظر للحديث، فإنه واضح وصريح في حسن الاختيار، حيث ارتكز على صلاح الدين وصلاح الأخلاق، ولم يهتم أبدًا بمسألة السن.
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلاممن نحن؟
إذن من نحن لنمنع أمرًا أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وحققه في نفسه، فقد زوّج حبه زيدًا بن حارثة بأم أيمن وكانت أكبر منه، وتزوج عمر أم كلثوم ابنة علي، وكانت أصغر منه وهكذا، فهناك وقائع كثيرة مشاهدة لرجال تزوجوا نساءً أكبر منهم ونساء تزوجن برجال أكبر منهن والجميع سعداء، لكن السعادة تأتي من معرفة المرء بالدين وما له وما عليه، وليس لها علاقة بفارق السن أبدًا.
فإذا تحققت الراحة النفسية بين الاثنين، فليس هناك ما يمنع الزواج بينهما أبدًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم، حين أمر المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه أن ينظُرَ إلى مَن خطبها قال له: «اذْهَب فانظُر إليها، فإنَّهُ أحْرَى أن يُؤْدَمَ بينَكُما، ففعلَ فتزوَّجَها»، والمعنى واضح، المهم الأخلاق ثم القبول، ولا علاقة بفارق السن في نجاح الزواج من عدمه.