يسأل أحدهم: (هل تجوز الصلاة على الأرض دون مصلية)؟
الصلاة عندما شرعت في البداية كانت تتمثل في السجود على التراب مباشرةً دون فاصل، ذلك أن وضع الرأس على الأرض إنما هو للتأكيد على عبودية الإنسان لله الخالق الجبار، وتمام خضوعه لله الواحد الأحد، ومن ثمّ يجوز بكل تأكيد الصلاة على التراب أو الرمل، ولكن شرط أن يكون المكان طاهرًا.
بل أن الصلاة على التراب من الأمور التي اختص بها الله عز وجل أمة نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، إذ يقول خير الآنام صلى الله عليه وسلم: «أُعطِيتُ خمسًا لم يُعطَهنَّ نبيٌّ قبلي : .. وجُعِلَت لي الأرض مسجداً وطهوراً »، ففي الأمم السابقة كان لابد من أن يذهبوا إلى مكان مخصص للصلاة، لكن الله عز وجل أنعم على أُمّتنا بأنه جعل لنا كل الأرض مسجد .. فيجوز أن تصلّي على الأرض طالما لم تر عليها أي نجاسة أو قذارة بعينك.
استسلام لله
الصلاة على الأرض أفضل من الصلاة على السجاد، ذلك أن في السجود على التراب استسلام لله، وتمام الخضوع له سبحانه، لكن الصلاة على سجاد تجوز أيضًا، ولا حرج فيها.
فقد ثبت عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه صلى على الحصير ، وعلى الخُمْرة ، وكلها تَحول بين جبهته الشريفة وبين التراب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال في حديث طويل: «فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْصَرَفَ »، وعم ميمونة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: « كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ ، وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ ».
اقرأ أيضا:
انشغالي بالعمل يجعلني غير حريص بالسنن والمستحبات..هل علي إثم؟نظافة المكان
أيضًا لا غبار في أن يتم تنظيف المكان قبل الصلاة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: « كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا ، فَرُبَّمَا تَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي بَيْتِنَا ، فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ ، ثُمَّ يُنْضَحُ »، وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ ».
وعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، قَالَ : « صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ بِالْبَصْرَةِ عَلَى بِسَاطِهِ ، ثُمَّ حَدَّثَ أَصْحَابَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ يُصَلِّي عَلَى بِسَاطٍ »، وعن أم المؤمنين عائشة زوج النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: « كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرِجْلاَيَ فِي قِبْلَتِهِ ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي ، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا ».