أغلبنا إن لم يكن جميعنا يقوم بتجفيف جسمه من الوضوء، وهو أمر وإن كان ليس فيه نهي، لكن من الأفضل تركه، فلو ظل المرء بوضوئه لتساقطت عنه ذنوبه كلها وإن كانت مثل زبد البحر، إذ أن تنشيف الأعضاء بعد الوضوء أو الغسل مسألة اختلف فيها الفقهاء على قولين: الإباحة، والكراهة، والراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز التنشيف بل يستحب لمن احتاج إليه لخوف برد أو نحوه وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة ورواية عند الشافعية، والذي يدل على الإباحة الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه، وصححه الشيخ الألباني «لما كان عام الفتح قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله فسترت عليه فاطمة ثم أخذ ثوبه فالتحف به».
تجفيف الجسم بين الكراهة والجواز
أما الخلاف في مسألة تجفيف الجسم فدائر بين الكراهة والجواز، إذ قال الإمام النووي في المجموع: «ونقل المحاملي الإجماع على أنه لا يحرم، وإنما الخلاف في الكراهة والله أعلم»، فالقول بالكراهة في كل من الوضوء والغسل حُكي عن جابر بن عبد الله وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن المسيب، والنخعي، ومجاهد، وأبي العالية بينما ذهب ابن عباس إلى كراهيته في الوضوء دون الغسل، أما القول بأنه يستحب تركه فهو قول الشافعية في المشهور من مذهبهم.
وأما القول بالإباحة فهو قول الجمهور، قال النووي: «وحكى ابن المنذر إباحة التنشيف عن عثمان بن عفان، والحسن بن علي، وأنس بن مالك، وبشير بن أبي مسعود، والحسن البصري، وابن سيرين، وعلقمة، والأسود، ومسروق والضحاك، ومالك، والثوري، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق»، ومن أدلة القائلين بالكراهة حديث ميمونة رضي الله عنها الذي رواه البخاري وفيه: «لما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم أتته ميمونة رضي الله عنها بالمنديل فردها»، قالوا: رد النبي صلى الله عليه وسلم للمنديل مع وجود المقتضي دليل على الكراهة.
اقرأ أيضا:
انشغالي بالعمل يجعلني غير حريص بالسنن والمستحبات..هل علي إثم؟الوضوء يسقط الذنوب
لكن لمن لا يريد أن يجفف جسمه من الوضوء، فليعلم أن الوضوء من الأمور التي تسقط الذنوب، ذلك أن الوضوء عبادة عظيمة الثواب ثبت الترغيب في فعلها.
من ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيًا من الذنوب.