التقليد والمحاكاة للغير ليست كلها سيئة لكن هناك السيئ منها وهناك الحسن.. فإن كنت تقتدي بمن هو افضل من خلقا ودينا وتحاكياه رغبة في تعديل سلوكك فهذا بلا شك حسن.
أما إن كنت تقلد غيرك وتتأثر بسلوكه القبيح فهذا أمر مرفوض، من هنا يعلم ضوابط التقليد العامة حتى لا يتهم المقلد بالقبح على كل حال.
التقليد آفة:
والتقليد لا شك له أضرار إذ يحسن أن تكون لك شخصية ثابتة تفعل امورا من تلقاء نفسك وتقلد فقط في أمور أخرى حتى لا تكون من معتمدا على الغير طوال الوقت وتكون في حالة ملحة للغير وهو ما يؤثر عليك سلبا في حياتك الشخصية لاسيما في القرارات المهمة في حياتك.
صور التقليد:
والتقليد له صور كثيرة جدًا في السلوك والأقوال والأفعال والمعتقدات، وهذا الأمر ليس مرفوضا بالكلية جملة واحدة لكن فيما يقلد فيه غيره إن كان حسنا أو قبيحا.
ولاشك أن المميزين اتخذوا غيرهم قدوة وأرادوا محاكاتهم بل إن الله تعال أرسل الرسل لمحاكاتهم سلوكهم وجعلهم قدوة لنا وجعل العلماء ورثة لهم نتعلم منهم ونقتدي وهكذا الصالحون في كل زمان ومكان نحاكيهم ونتشبه بهم.
التقليد في العقيدة:
ومن صور التقليد المهمة التقليد في العقيدة؛ فالذي يقلِّد غيره في أصل عقيدته، كما فعل قوم إبراهيم وغيرهم، وهذا الأمر لابد له من وقفة فالإسلام دين الحق وغيره الباطل لذا فقد كانت آفة عبدة الأصنام قديما تقليدهم آباءهم على عقيدتهم ما قال الله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ}(البقرة:170). كما أخبر الله سبحانه عن قوم موسى عليه السلام حين دعاهم إلى الله تعالى وترك الشرك كان جوابهم: {أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ}(يونس: 78).
وكل هذا أضر بهم لأنهم لم يعملوا عقولهم وارتضوا التقليد في أخطر الأمور وهو العقيدة منهجا.
التقليد في السلوكيات:
ومن صور التقليد أيضًا التقليد في السلوكيات؛ فالذي يقلِّد غيره في أخلاقه ولو ساءت، كما ذكر الله تعالى عن أهل الجاهلية في قوله: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (الأعراف: 28).
- الإمَّعة في فروع الدِّين، ومِن ذلك: التَّعصُّب المذهبي، كالذي يقلِّد غيره في العبادات حتى لو أخطأ وظهر له الدَّليل على خطئه.
- التَّشبُّه بالكفَّار في عاداتهم وتقاليدهم، وهذا واضح في تقليد كثير مِن المسلمين لغيرهم في كثير مِن العادات والتَّقاليد، حتى حقَّقوا في ذلك وصف الإمَّعة، وإليك بعض الأمثلة:
عيد الأمِّ، عيد شمِّ النَّسيم، عيد الحبِّ... وغيرها. فكلُّ ذلك مِن العادات التي غالبًا ما يُسأل عنها فاعلوها، فيقولون: هكذا يفعل النَّاس!!
من أسباب التقليد:
ومن صور التقليد أيضا بل من أسبابها فتنة مُسَايرة الواقع، فهي كثيرة ومتنوعة اليوم بين المسلمين، وهي تتراوح بين الفتنة وارتكاب الكبائر أو الصَّغائر، أو التَّرخُّص في الدِّين، وتتبُّع زلَّات العلماء؛ لتسويغ المخالفات الشَّرعية النَّاجمة عن مسايرة الرَّكب، وصعوبة الخروج عن المألوف، واتِّباع النَّاس إن أحسنوا أو أساؤوا. ومَن هذه حاله يَنطَبق عليه وصف الإمَّعة).
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من التقليد الأعمى ويخاف عليهم عاقبة تقليد الأمم التي حادت عن نهج الأنبياء والمرسلين فيقول: " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن كان قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ...".