تسأل إحداهن (تقدم لي أحدهم، وهو مشهور عنه سب الدين عند الغضب، فهل أكمل زواجي منه، علمًا بأنه طيب القلب؟).
كأن السائلة تريد أن تبرر لهذا الرجل فعلته، بأنه كما يسب الدين، فهو حنون وطيب القلب، ولا يسب الدين إلا عند الغضب، وبالتالي فهو يستحق المصاهرة!.. بالتأكيد لا.. إذ أن من يسب الدين عند غالبية الفقهاء قد يكون (وقع في الشرك)، ويبين الفقهاء أنه مَن يسب ملة الإسلام أو دين المسلمين فإنه يكون كافرًا، أما مَن شتم دينَ مسلم فإنه لا تجوز المسارعة إلى تكفيره؛ لأنه وإن أقدم على أمر محرم شرعًا إلا أنه لما كان محتملًا للدين بمعنى تدين الشخص وطريقته، فإن هذا الاحتمال يرفع عنه وصف الكفر.
إلا أنه مع ذلك لا ينفي عنه الإثم شرعًا، لأنه أقدم على سب مسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»، كما أنه تجرأ بذلك على لفظ سيئ قبيح يقع بين الكفر والإثم، فإن سلِم من الكفر فإنه واقع في معصية عظيمة.
سب الله
إذن عزيزتي السائلة، إن كان من تريدين الزواج منه يقع في سب الله تعالى وسب الدين، فتلك طامة كبرى، فإن سب الله كفر أكبر مخرج من الملة بلا خلاف بين العلماء، ولا يعذر في ذلك بغضب أو جهل، إلا إذا كان الغضب يسلبه الإدراك فيصير كالمجنون فلا يكفر بذلك.
وقد جاء في فتاوى ابن عثيمين: «ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة، ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب، نقول له: إن كان غضبك شديدًا بحيث لا تدري ماذا تقول، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه، فإن هذا الكلام لا حكم له، ولا يحكم عليك بالردة، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد، فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به، يقول الله تعالى في الأيمان: «وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ» (المائدة 89)».
اقرأ أيضا:
من نشرها دخل الجنة .. هل هذا من التقول على الله؟فسخ العقد
إذا وقع الزواج، واعتاد على سب الدين، فقد يكون قد وقع في إثم عظيم، وقد يكون ذلك سببًا في فسخ عقد الزواج ذاته، فكيف تتصرفين حينها؟.. إذ يقول العلماء: "إذا كان الزوج يقع في الكفر غير معذور فلا شك في أن ذلك يفسخ عقد النكاح، فإن لم يتب من هذا الكفر فلا يجوز للزوجة البقاء معه بحال وعليها رفع الأمر للقاضي الشرعي.
أما إذا تاب ورجع إلى الإسلام قبل انقضاء عدتك، فقد ذهب بعض العلماء إلى بقاء النكاح في هذه الحال من غير حاجة لتجديد العقد"، وقد جاء في تتمة المجموع شرح المهذب للإمام النووي: «وإن ارتد أحدهما بعد الدخول وقف النكاح على انقضاء عدة الزوجة، فإن رجع المرتد منهما قبل انقضاء عدتها فهما على النكاح».