ما معنى أن تقابل الناس وتتعامل معهم وانت عابس الوجه ظاهر عليك الحزن والبؤس ويكون هذا ديدنك وطبعك؟
التبسم في وجه الناس له ثواب عظيم فهو صدقة تتصدق بها على لغير وهو غير مكلف بل هو أقل البر حين ترسل رسائل إيجابية بابتسامتك مع الناس فالبر أمر هين وجه طلق وكلام لين.
البشاشة من الإيمان:
ولكي تكون مؤمنا إياك أن تعتقد أن هذا خالف البشاشة فالبعض حينما يقبل على الله ويزهد في الحياة يصعر للناس خده ويظل عبوسا منطويا عابس الوجه لا يضحك وغن ضحك كان متكلفا كانه ارتكب خطيئة وكل هذا بلاشك لا علاقة له بالإيمان.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعد لقاء الإخوان بالبشاشة والفرح من المعروف، "كل معروف صدقة، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق...". الحديث (رواه الترمذي وقال: حسن).
وقد كان هذا حاله مع من يلقاه دائم البشر رغم انه يحمل هم الأمة كلها فقد روي عن جرير رضي الله عنه قال: ما حجبني النَّبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي.
البشاشة من المعروف:
والبشاشة والتبسم في وجوه الناس حتى المخلفين منه الإحسان والمعروف لهم وهو صدقة تتصدق بها على من تلقاه قال صلى الله عليه وسلم: "ولا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف". (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
أقوال العلماء في البشاشة:
ولقد عاش العلاء على سيرة الأنبياء يرغبون في البشاشة والتبسم ونشر الإيجابيات والتعامل بالحسنى واليسر لا التعقيد والتكلف والعنت وروي عن أقوال مأثورات في هذا الاتجاه كثيرة منها ما قاله ابن حبان: (البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي)، وعن هشام بن عروة، عن أبيه قال: (مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا، وكلمتك طيبة، تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء).
بل إن صاحب البشر والبشاشة قريب من القلوب حبيب إلى الناس، ينتشر بينهم الثناء عليه ومدحه، قال أبو جعفر المنصور: (إنْ أحببت أنْ يكثر الثَّناء الجميل عليك من النَّاس بغير نائل، فالْقَهُمْ ببِشْر حسن).
البشاشة من صفات النبي:
ولو تأملنا حال النبي وهو من هو أي أنه كثير الانشغال بالدعوة كثير اعداؤه مهموم بكثير من الأحوال ورغم كل هذا يكون بسام المحيا لا يعبس في وجه أحد، فالبعض يتكلف أن يرض الناس بماله فيشتري أشياء ويوزعها مثلا أو يهدي أو غير ذلك لكنه لن يستطيع كسب حب الناس بماله وإن كثر والأولى من ذلك ان يسع الناس بحسن خلقه وابتسامته وطيب كلامه ببسط الوجه والبشاشة وحسن الخلق؛ ففي الحديث: "إنَّكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكنْ يَسَعُهم منكم بَسْطُ الوَجهِ وحُسنُ الخُلُقِ".
وفي الحديث لقد حث الشرع على لقيا الناس بالبشر والتبسم حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة".
ويتأكد البشر في أمور معينة وقت طلب الحاجة لمن يطلبها ولمن وقع في ضيق أو لزمته أزمة قال بعض الحكماء: (الْقَ صاحب الحاجة بالبِشْر، فإنْ عدمت شكره، لم تعدم عذره).
قال ابن بطَّال: (فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة).