هل هناك ما هو إيمان بالقلب، وما هو إيمان بالعقل؟.. نعن هناك فرق بين الإيمان القلبي الذي يتفرع عنه سلوك والذي يأتي بعد التعرف، وبين مجرد الإيمان العقلي ( الذي يدخل به المرء الإسلام ).
فالإيمان القلبي يكون بالتعرف على أسباب الإيمان وأسباب التصديق ، أسباب أنك صدقت بأنه كذا.. إنك تعرفه.. وأول ثمرة من ثمرات التعرف على الله هي الثبات والاطمئنان.
لذلك يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، ومن ثمّ يصبح إنسانًا آخر في باطنه وداخله، إذ يتغير أسلوب تفكيره ونظرته للأشياء، ولا يشعر بأثر الأشياء السالبة عليه وتغلب طاقته الإيجابية كل الطاقات السالبة.
لذلك تجد الصالحين في السابق، لم يكن أحد منهم يعاني من الكآبة ولو كان لديهم أمراض وفقر، وكأنه لديه قدرة على مواجهة أي مشكلة مهما كانت.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلالروح لا العقل فقط
بالأساس يجب أن يتفاعل الإنسان مع دينه بروحه، وليس بعقله فقط، فهناك أمور تتعدى الفهم البشري، لكن يقبلها القلب، ويعتبرها مسلمات، فالمسلم يؤمن بالغيبيات، وهي أمور لو تركها لعقله فقط لما آمن بها، كونه لم يرها يومًا، لكن قلبه المتعلق بالله الجبار القادر، الذي يعي تمامًا ويقينًا أنه قادر على كل شيء، يؤمن يقينًا بهذه الغيبيات، ويترك نفسه لهذه الأمور ولو من باب قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ، وَإِنْ تَسْألُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ» (المائدة: 101/102).
فإيمان العقل معادلات وقياسات منطقية ومجادلات كلامية من باب (فإن قلتم قلنا..).. أما إيمان القلب والروح فهو نفحة من روح الله تلامس شغاف القلب فيسكن، وتداعب الروح الظامئة فترتوي .. إنها نفحات من الرحمة الإلهية التي يجود بها الكريم على عبده فتزهر روحه.
إيمان القلب
إذن فإيمان القلب لا يمكن أن يكون إلا بتجربة عملية، يسلك فيها الباحث عن الطمأنينة سبيل التدبر والتفكر، ويغرق في صمت وجودي مبتعدا عن قشور الكلام، باحثا عن روح الكون التي تداعب روح الإنسان، وتتناغم معه فيحدث الانسجام ويبدأ إيمان القلب ثم تبدأ الفيوضات الربانية على القلب، بيما العقل لو اعتمد عليه المرء وحده، لظل حائرًا، يخرج من سؤال لآخر، دون أن يصل لشيء، إلا لمزيد من التيه والغربة والحيرة.
لكنه لو قرب الأمرين من بعضهما البعض، (القلب والعقل)، لوصل إلى نتيجة غير عادية، ولكان من أولياء الله الصالحين، أو لكان على ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين نجحوا في التقريب بين العقل والقلب، فكانوا ما كانوا عليه من يقين الإيمان وتهذيب الروح، مع راحة العقل من أي تفكير يبعدهم عن ما هم فيه من اليقين.