تسأل إحداهن: هل يجوز تأخير بعد الزواج بالاتفاق مع الزوج؟.
إذا كان باتفاق بين الزوجين فلا غبار على الأمر، إلا أنه إذا كانت الزوجة تريد ذلك، دون استشارة الزوج فإن الأمر فيه وقف، إذ أن منع الحمل كان موجودًا في صدر الإسلام في عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.
وكان العزل هو وسيلة الوقاية الوحيدة الموجودة في ذلك الوقت، وهو أن يصب الرجل ماءه خارج مهبل الأنثى، لكن مشكلة هذا الإجراء أنه يحرم الزوجين من المتعة الكاملة، إلا أنه كان الحل الوحيد آنذاك، ولذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح للأصحاب أن يعزلوا.
العزل في السنة
وتضمنت السنة النبوية بالفعل أكثر من حديث يدل على العزل، ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبياً من سبايا العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا الغربة وأحببنا العزل، فأردنا أن نعزل فسألناه عن ذلك، فقال: وما عليكم ألا تفعلوا؟ ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة».
وورد في حديث آخر عن جدامة بنت وهب الأسدية قالت: «حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس سألوه عن العزل، فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك الوأد الخفي، وقرأ (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)».
وربما فهم بعضهم من أحاديث الجواز كالحديث الأول أن العزل جائز، وفهم من حديث جدامة أن العزل ممنوع، لكن العلماء قالوا إن حديث جدامة ربما يعبر عما كان معمولاً به في أول الإسلام، ثم نسخ بالأحاديث الأخرى، بدليل أن جابر يقول في أحد أحاديث الجواز: «كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل»، وقالوا أيضًا إن حديث جدامة يمكن أن يحمل على كراهة التنزيه لا كراهة التحريم.
جواز العزل
وأمام ذلك، وبناءً على هذا الفهم للأحاديث الواردة، فقد اختلف الفقهاء في العزل، فمنهم من قال بإباحته، ومنهم من قال بكراهته، ومنهم من قال بالجواز لكن برضا الزوجة.
فقد روي عن الفقهاء أصحاب المذاهب الأربعة المعتبرة جواز العزل، أي جواز عزل الرجل ماءه عن زوجته، مع كراهة التنزيه، والثلاثة قالوا للزوج أن يعزل لكن برضا الزوجة، ومن الشافعية من اشترط رضا الزوجة في ذلك، ومنهم من لم يشترط،.
و الغزالي حسم الموقف عندما قال: «الصحيح أنه مباح، وأما الكراهة فإنها تطلق لنهي التحريم ولنهي التنزيه ولترك الفضيلة، فهو مكروه لأن فيه ترك فضيلة، وإنما قلنا لا كراهة بمعنى التحريم، لأن إثبات النهي إنما يمكن بنص أو قياس على منصوص، ولا نص ولا أصل يقاس عليه».
اقرأ أيضا:
من نشرها دخل الجنة .. هل هذا من التقول على الله؟