دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل قائلة :الأمر في ذلك واسع، والتنازع من أجل ذلك لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل هو من البدع المذمومة؛ إذ من البدعة تضييق ما وسع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا شرع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثر من وجه فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
وبحسب الفتوي المنشورة علي البوابة الاليكترونية فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأغلوطات وكثرة المسائل، وبين أنَّ الله تعالى إذا سكت عن أمر كان ذلك توسعة ورحمة على الأمة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَرَّمَ حُرُمَاتٍ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَّدَ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» رواه الدارقطني وغيره عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وصححه ابن الصلاح، وحسنه الإمام النووي.
وفي نفس السياق قال العلامة التفتازاني في شرح الأربعين النووية (ص: 191، ط. دار الكتب العلمية): [(فلا تبحثوا عنها) أي: ولا تسألوا عن حالها؛ لأنَّ السؤال عمَّا سكت الله عنه يفضي إلى التكاليف الشاقة، بل يُحكَم بالبراءة الأصلية] اهـ.
ووأشارت الدار إلي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيَّن فداحة جرم من ضيَّق على المسلمين بسبب تنقيره وكثرة مسألته فقال: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» رواه مسلم من حديث عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه.
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ، فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» متفق عليه.وقال العلامة المناوي في "فيض القدير شرح الجامع الصغير": [أي اتركوني من السؤال مدة تركي إياكم، فلا تتعرضوا لي بكثرة البحث عما لا يعنيكم في دينكم مهما أنا تارككم لا أقول لكم شيئًا، فقد يوافق ذلك إلزامًا وتشديدًا،
وتابعت قائلة :وخذوا بظاهر ما أمرتكم ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب، ولا تكثروا من الاستقصاء فيما هو مبين بوجه ظاهر وإن صلح لغيره؛ لإمكان أن يكثر الجواب المرتب عليه فيضاهي قصة بني إسرائيل: شددوا فشُدد عليهم، فخاف وقوع ذلك بأمته صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
واستدركت الدار قائلة :على أنَّ الدعاء في الجمع أرجى للقبول، وأيقظ للقلب، وأجمع للهمة، وأدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصة إذا كانت هناك موعظة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» رواه الترمذي وحسنه، والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما