قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد: إن وثيقة الأخوة الإنسانية ليست وليدة اليوم، وإنما هي امتداد لوثيقة المدينة التي وضعها النبي -صلى الله عليه وسلم- مع جميع فئات المجتمع في المدينة؛ ليتحقق السلم المجتمعي.
وأضاف د. عيَّاد خلال محاضرة بجناح حكماء المسلمين بمعرض الكتاب الإسلامي ٢٠٢٢ بإندونيسيا، أن الدين جاء ليحقق مصالح العباد، وما تتهم به الأديان من عنف أو رذائل كلها افتراءات والأديان منها براء؛ لأنه من غير المعقول أن تحمل الأديان في نصوصها دعوات للرحمة والتعايش ونبذ العنف وفي نفس الوقت تكون مصدرًا لتأجيج الصراع.
وأكد الأمين العام أن وثيقة الأخوة الإنسانية جاءت ضمن لقاءات متعددة، حيث خرجت مشتملة على جملة من البنود المهمة، التي عند مراعاتها تكون المحافظة على تقدير الأديان، وعند الخروج عليها وازدرائها يكون التحقير والتطاول على كرامة الإنسان، موضحًا أن الوثيقة -بما تحمله من بنود مهمة- ترسخ لمفاهيم المواطنة والتعايش السلمي؛ فإنها تكفل للمجتمعات حرية الأديان، وتوفر لهم عوامل الأمان والسلم النفسي والمجتمعي بما تحمله من قيم وأخلاق تسهم في التعايش المشترك بين بني الإنسان، ورفضها للإرهاب.
وأشار فضيلته إلى أن الوثيقة تتعلق بالأديان وقدسيتها وموقفها، خصوصًا وأن الأديان تدور محاورها بشكل عام حول علاقة الإنسان بخالقه، وعلاقة الإنسان بنفسه، وعلاقته ببني جنسه، وعلاقته ببقية المخلوقات، وهو أمر لا شك أنه مهم؛ لأن هذه العلاقات متى ضُبطت بضوابط دينية واقترنت بنتائج إيجابية في الدنيا والآخرة؛ كان ذلك أدعى للإقدام عليها والتمسك بها والعمل لأجلها،
أكد أنه لا تتوقف الأهمية عند هذا الحد، بل تتجاوزه عندما تصدر هذه الوثيقة من خلال رمزين من رموز الأديان في العالم: فضيلة الإمام الأكبر، والبابا فرنسيس، فهذا يؤكد أهمية هذه الوثيقة؛ لأنها تكشف عن نظرية الأديان للأمور بشكل صحيح، وهو ما يدفع إلى احترامها وتقديرها حق تقديرها.
فيما أشارت د. نهلة الصعيدي، عميد كلية العلوم الإسلامية ورئيس مركز تطوير الطلاب الوافدين بالأزهر، إلى أن الوثيقة لاقت تقديرًا عالميًّا كبيرًا؛ مما يؤكد أنها مشروع واقعي من أجل حياة إنسانية متكاملة، مبيِّنة أن الوثيقة رسمت علاقة البشر بأنفسهم من أجل نشر السلام والعدل بين الناس، والاهتمام بالمرأة والطفل، والعمل على نشر المودة والرحمة والإنسانية بين الجميع.
وتابعت د. الصعيدي أن العالم كله بحاجة اليوم إلى وثيقة الأخوة الإنسانية التي جاءت موجهة للفقراء والمظلومين والبائسين، والأرامل والمساكين، بل لجميع البشر، وهي مستمدة من شريعتنا الغراء، وإذا كان العالم اليوم يريد تحقيق السلام العالمي وسلامة الأوطان؛ فإن ذلك لن يكون من دون العودة الحقيقية إلى الدين، وأي تصور لحضارة دون الدين هو سراب، فلا بد أن يكون الدين قائمًا في حياة الإنسان كلها.
من ناحية أخري شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد، ود. نهلة الصعيدي، رئيس مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين، في فعاليات ندوة علمية عن التكامل بين العلوم العربية وعلوم الشريعة بالعاصمة الإندونيسية "جاكرتا".
وقال الدكتور نظير عيَّاد خلال كلمته: إن الحديث عن العلاقة بين اللغة العربية وبين العلوم الإسلامية حديث ذو شجون، تتعدَّد اتجاهاتُه وتتنوع مساراتُه بتعدد العلوم الإسلامية، مضيفًا أن المُطالع لهذه المسارات يقف على عُمق علاقة اللغة العربية وارتباطها بالعلوم الإسلامية، الأمر الذي يؤكد حاجة هذه العلوم إلى اللغة العربية، ومن ثم وجدنا العلماء في كلِّ تخصص يدعون إلى تعلمها والإحاطة بها، وجعلوا ذلك من أولويات كل علم، حرصًا منهم على إثبات الصلات الوثيقة بين علومهم وبين اللغة العربية، وأوجبوا تعلمها قبل كل شيء.
وأضاف د. عيَّاد أن الواقع يؤكد اهتمام العلماء -في شتَّى العلوم الإسلامية- باللغة العربية، وحرصهم على إتقانها مردّه إلى أصول الشرع الحنيف، والتي وردت فيها نصوصٌ تُوجِّه إلى هذا الاهتمام وذلك الحرص، حيث بيَّن اللهُ -تعالى- في كتابه الكريم أن هذا الكتاب نزل بلسان القوم الذين نزل عليهم، وهو اللسان العربي؛ ليتدبروه وليعقلوه وليفهموا مردَّه ليعملوا بأحكامه، وأكدت السنة النبوية أهمية اللغة العربية؛ حيث كان -صلى الله عليه وسلم- عربيًّا، بل هو أفصح العرب لسانًا و أبلغهم بيانًا، وعنده حطت البلاغة بعلومها، مشيرًا إلى أنه اتفقت كلمة العلماء أن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها للمسلم ضرورة حياتية وفريضة دينية؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
اقرأ أيضا:
ما هو الفرق بين البيت العتيق والبيت المعمور؟ ومكان كل منهما؟من جانبها، أشارت د. نهلة الصعيدي إلى تعدد الأقوال الواردة عن سلف الأُمة والتي تؤكد أهمية اللغة العربية وضرورة العناية بها وإتقانها، خصوصًا للمشتغلين بالعلوم الشرعية، باعتبارها شرطًا رئيسًا لفهم مراد الله -تعالى- ومعرفة أحكامه، لافتة إلى اهتمام الأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، باللغة العربية وتعليمها للناطقين بها وغير الناطقين بها، حيث كان من بين ما قام به الأزهر لحفظ العربية إنشاء مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، وإنشاء كلية العلوم الإسلامية للطلاب الوافدين.
وأكدت د. الصعيدي أن اللغة العربية تعدُّ أغنى لغات العالم، بما تتضمنه كل أدوات التعبير في أصولها، ولما لها من مكانة وأهمية لدى العرب والمسلمين على مَرِّ التاريخ، كما أنها استطاعت أن تحافظ على أصالتها واستقلالها على مر العصور والأزمنة؛ بل وأثَّرت في غيرها من اللغات الأخرى