سؤالي هو: هل يجوز للصائم أن يكذب عن صومه إذا قدم له طعام وهو ضيف، كأن يقول: إني شبعان، أو مريض، أو أسناني تؤلمني.
بنية الإخلاص لله -عز وجل- لأنني سمعت أن السلف كانوا يخفون أعمالهم الصالحة؟
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بإسلام ويب أن إخفاء الطاعة كالصوم وغيره، أمر مطلوب شرعا؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء، ما لم تدع حاجة إلى إظهاره؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح، فليفعل. رواه الخطيب في تاريخه، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وصححه الألباني.
وتضيف: ليس معنى الحرص على إخفاء العمل، أن يخفيه المرء ولو بالكذب؛ لحرمته، ولكن المراد إخفاء ما يستطيع المرء إخفاءه من الطاعات، ولو باستعمال المعاريض، لا الكذب الصريح.
كما جاء عن الحسن البصري -رحمه الله تعالى-أنه قال: إنْ كان الرجل لتكون له الساعة يخلو فيها؛ فيصلي، ويوصي أهله فيقول: إنْ جاء أحد يطلبني فقولوا: هو في حاجة له.
وكان أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ ـ رحمه الله ـ فِي مَجْلِسٍ، فَجَاءتْهُ عَبْرَةٌ، فَجَعَلَ يَمْتَخِطُ وَيَقُوْلُ: مَا أَشَدَّ الزُّكَامَ!
ومن المعاريض هنا أن يقول المرء: لا حاجة لي في الطعام الآن، ولو صرح بصيامه؛ لئلا يكسر خاطر من دعاه فذلك أولى.
ولا ينافي الإخلاص، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل: إني صائم. رواه مسلم وغيره. قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة. والمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة، وفيه الإشارة إلى حسن المعاشرة، وإصلاح ذات البين، وتأليف القلوب، وحسن الاعتذار عند سببه.