أخبار

ما حكم التصرف في مال الأم المصابة بالزهايمر؟

دراسة: شرب الشاي والقهوة مفيد لمرضى الروماتيزم

انتبه.. 4 أطعمة "صحية" تحرمك من فقدان الوزن

"آن كان ابنَ عَمَّتِكَ؟".. تعرف على قصة الكلمة التي أغضبت رسول الله

سؤال محير عن سرقة "القرامطة" للحجر الأسود.. هذه إجابته

قلب المؤمن ليس كقلب غيره.. ما علامة ذلك؟

الإيمان قول وعمل واعتقاد.. وهذا هو الدليل

تحول العافية وفجاءة النقمة.. البلاء الذي استعاذ منه النبي

١١ وسيلة تحببك فى الطاعة وتكرهك فى المعصية.. احرص عليها

قيمتك بأخلاقك وقيم ما تدين به.. فماذا هي قيمتهم وقيمهم؟

كيف تتخلى عن طباعك السيئة حتى وإن كانت فيك منذ الصغر؟

بقلم | أنس محمد | الاثنين 15 يوليو 2024 - 07:42 ص



جبُل بعض الناس على بعض الأخلاق السيئة من الصغر مثل العصبية، أو الإهمال، أو قلة الذوق، أو الخشونة في التعامل مع الغير، أو كثرة الحلف كذبا سواء كان مازحا أو جادا، وربما يصل الأمر لسب الدين والتلفظ بأقبح الألفاظ، بحسب ما تعود عليه من محيط بيئته، إلا أنه قد ينتقل من بيئة لأخرى، فيجد نفسه مقبوحا بين الناس، ووقتها قد يفاجأ بما أصبح عليه بين الناس ومدى رفضهم له، فيبحث كيف يغير من طباعه السيئة.

فمن الصعب محاولة تغيير طباع أي إنسان، فالطباع لها قدرة رهيبة على فرض سيطرتها على صاحبها تمامًا، وإن نجح فى محاولـة تغييرها فى بعض المواقف، فهي تسيطر فى النهاية وتتغلب عليه؛ لأنها لصيقة بشخصيته وتكوينه.

محاولات التطبع


ويغلب الطبع دائما في الإنسان محاولات التطبع، كما يغلب على نظر صاحب هذا الطبع للأخرين، فمن المواقف التي عبرّت عن ذلك موقف الثلاثة رجال الذين كانوا يمشون في طريقهم ، فشاهدوا رجلًا يقوم بالحفر في أحد جوانب الطريق ، فتحدث الأول قائلًا : لابد أن هذا الرجل قد قتل أحد ويريد دفنه أثناء هذا الظلام ، بينما أبدى الثاني رأيه قائلًا : لا.. فيما يبدو أنه ليس قاتل ولكنه لا يأتمن أحد على ممتلكاته فيخبئها هنا ، ثم تحدث الثالث قائلًا : لا.. فيما يبدو ولا هذا ولا ذاك ؛ إنه رجل صالح يحفر بئرًا من أجل الماء ، ومن هنا تأتي العبرة أن الصالح يرى غيره من الناس صالحين، أما الفاسد يراهم فاسدين ، وهكذا يأتي المثل “كلٌّ يرى الناس بعين طبعه”.

وبينما أعرابي يرعى بغنمه في أحد البوادي عثر على جرو صغير (ذئب) فأخذه ليربيه ظنـًا منه بأنه جرو كلب، وقام هذا الراعي بالاعتناء بالجرو أفضل عناية وخصص أفضل نعاجه ليطعمه من حليبها حتى أصبحت تلك النعجة بمثابة الأم الحنون لذلك الجرو، و مرت الشهور والجرو يلقى أفضل أنواع العناية والاهتمام، و بلغ هذا الجرو عدة شهور من عمره حتى أصبح ذئب قوي البنيان.

وفي ذات صباح قام الراعي كعادته ليرعى غنمه فصُدم من هول ما شاهده في حظيرة الأغنام، حيث وجد ذلك الجرو وقد ذبح تلك النعجة التي كانت مثل أمه بل أحن، وقام بقطع رأسها ونهش من لحمها، وعندها عرف الراعي متأخرا بأن ذلك الجرو إنما هو جرو ذئب وليس كلب ووقف الراعي مصدوما وأنشد مخاطبا ذلك الذئب :

 بقرتَ شُويهتي وفجعت قلبي **** وكنت لشاتنا ولدًا ربيبُ

غُذيت من دَرها ولبثت فينا *** ويحك من أنبأك بأن أباك ذيبُ

إذا كان الطبعُ طبعَ سوءِ **** فلا ينفعُ أدبٌ ولا تأديبُ

 فهل هذه القصص تعني أنه لا أمل في محاولة تغيير أخلاق الناس طالما أنه كانت هذه طبائعهم؟.

كثيرا ما نسمع أن الطبع يغلب التطبع، وأن الخُلق كالخَلق لا يقبل التبديل أو التغيير، وأن من شب على شيء شاب عليه، ولكن إذا نظرنا إليها من زاوية شرعنا الحنيف الذي جاء في بيئة ينقصها من الأخلاق الكثير، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارمها، وليزرع في نفوس أصحابه محاسنها، فالزرع إذا حفته العناية وأحيط بالرعاية ورعي بالسقاية لاغرو يأتي أكله بعد حين بإذن ربه.

 صنف العلماء مكارم الأخلاق ومحاسن العادات في المرتبة الثالثة من مراتب المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، فأي خلل عام يلحق بهذه المرتبة يكون له تأثير بليغ وخطير يحول دون وصول الضروريات والحاجيات إلى الكمال المطلوب والسعادة المرغوبة.

فمكارم الأخلاق ومحاسن العادات تحتل موقعا مهما في شريعة الله وتكتسي أهمية عظمى في دين الله وإنما الدين حسن الخلق، لذا حث الإسلام على إفراغ الوسع وبذل الجهد في اكتسابها والتحلي بها بعد التخلي عن مساوئها، وإفراغ النفس من آثار شرورها، قال تعالى: قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها فإمكان تغيير الأخلاق شيء وارد ومقدور لمن أراد الفلاح لا مناص من هذا وإلا لما قال الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم، "فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا"، ولما خاطب عبيده قائلا: فاستقيموا إليه واستغفروه، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسنوا أخلاقكم، فلو لم يكن الأمر ممكنا ولا مقدورا للمكلف لما جاء الخطاب بصيغة الأمر المفيدة للوجوب، فشرط التكليف القدرة، ولو امتنع تغيير الأخلاق لما كانت للوصايا والمواعظ وأحاديث الترغيب والترهيب أي حاجة أو ضرورة.

 فالله خلق الإنسان وخلق فيه القدرة والقوة لقبول الوصول إلى الكمال الخلقي وطلبه، إذا تحقق شرط التربية، وتربية النفس تتعلق باختيار المرء لذلك، واتخاذه قرار التغيير، وتأديب النفس وتهذيب القلب لا يأتي جملة بين عشية وضحاها وإنما يحتاج إلى ترويض وتدريب. فلو أراد الإنسان أن يقتلع من نفسه صفة من الصفات التي لا يرضاها ولا يحمدها بالجملة لما استطاع ذلك وعجز عنه، لكن لو أراد أن يقهر نفسه ويطوعها ِلمَا أراد بالرياضة والمجاهدة والدربة لقدر على ذلك، وقد أمرنا الله أن نغير ما بأنفسنا وعلمنا سنة التدرج؛ فهذا شرب الخمر رذيلة الرذائل وأم الخبائث كلنا يعلم المراحل التي مر منها حتى صدر حكم تحريمها النهائي، كل ذلك لينعم الإنسان بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وكل ذلك تحقيقا للمقاصد الشرعية من وجه التكملة والتتمة.

اقرأ أيضا:

منذ طفولتي أسعد بإيذاء مشاعر الآخرين.. كيف أتعافى؟

 طرق معالجة الهوى وتغيير الأخلاق


إن الأخلاق الفاضلة إن لم تكن بالطبع والسجية فهي قابلة لأن تصبح صفة لازمة للنفس بالتعلم والاعتياد والتكلف الاختياري ( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وهذا يحتاج إلى تدرب وممارسة، وقبله صحبة ذوي الأخلاق العالية، وملازمة ذوي الآداب النبيلة كما قال أحد العارفين: (اصحب أرباب القلوب يصير لك قلبا )، بهذا تتقوى الفضيلة شيئا فشيئا إلى أن تصبح جبلة وصفة لازمة للمرء.

 فكل تغيير ينشده الإنسان يلزمه النظر في حال نفسه ليعرف عيوبها، وكل تغيير للعيوب يلزمه مجاهدة ورياضة بالأعمال الصالحة حتى تزكو النفس وتسمو الأخلاق، فالعلاقة بين أعمال النفس الباطنة وأعمال البدن الظاهرة وثيقة جدا حيث تتأثر النفس بالعمل الصالح فتخشع وتستسلم لله طوعا، و يتأثر البدن بأحوال النفس الطيبة فيصلح ويستقيم أمره جميعا قال صلى الله عليه وسلم: ( إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) .

 إن تزكية النفس يستوجب اعتياد الأفعال الصادرة من النفوس الزكية الكاملة ومحاكاتها، فإذا صار ذلك العمل معتادا بالتكرر مع تقارب الزمان حدث منها هيئة للنفس راسخة تقتضي تلك الأفعال وتتقاضاها بحيث يصير ذلك له بالعادة كالطبع، فيصبح ما كان يستثقله المرء من الخير و يتباطأ في فعله خفيفا على النفس، فمن أراد أن يحصل لنفسه خلق من الأخلاق الفاضلة أو أدب من الآداب الرفيعة فعليه بأمرين اثنين:

 الأول: المواظبة على تكراره؛ إذ العلاقة بين النفس والبدن متبادلة كما سبق بيانه، إذ بأفعال البدن تكلفا يحصل للنفس صفة، فإذا حصلت الصفة فاضت على البدن فاقتضت وقوع الفعل الذي تعوده طبعا بعد أن كان يتعاطاه تكلفا. وأكثر من هذا جعلت قرة عينه في هذا العمل الصالح المكتسب أو الخلق العظيم المتعلم.

 الثاني: تقارب الوقت؛ إذا كان تغيير ما بالنفس وتحصيل كمالها لا يتحقق بعمل يوم واحد، كذلك لا يحرمها ذلك بعدمه في يوم واحد إلا أن تعطله في ذلك اليوم الواحد يكون مدعاة لغيره، وهكذا يتداعى قليلا قليلا حتى تأنس النفس بالكسل وتهجر التحصيل والتعليم والتدريب فيفوته ما كان يطلبه ويرغب فيه كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه، فكما أن عمل الليلة لا يحس بأثره في تفقه النفس فإنه يظهر شيئا فشيئا مثل نمو البدن، وارتفاع القامة، فكذلك الطاعة الواحدة قد لا يحس أثرها في النفس وكمالها في الحال، ولكن ينبغي أن لا يستهان بها فإن الجملة المؤثرة جمعت من الآحاد. والمعاصي كذلك ينبغي أن لا يستهان بصغارها فإن اللمم قد تصبح كبائر، إذ القليل يدعو إلى الكثير فينتهي الأمر بحرمان السعادة في الدنيا وفوت النعيم في الآخرة ، قال علي بن أبي طالب: الإيمان يبدو في القلب نكتة بيضاء كلما ازداد الإيمان ازداد ذلك البياض فإذا استكمل العبد الإيمان ابيض القلب كله، وإن النفاق يبدو في القلب نكتة سوداء كلما ازداد النفاق ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل العبد النفاق اسود القلب كله.


الكلمات المفتاحية

كيف تتخلى عن طباعك السيئة حتى وإن كانت فيك منذ الصغر؟ طرق معالجة الهوى وتغيير الأخلاق التخلص من الصفات السيئة

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled جبُل بعض الناس على بعض الأخلاق السيئة من الصغر مثل العصبية، أو الإهمال، أو قلة الذوق، أو الخشونة في التعامل مع الغير، أو كثرة الحلف كذبا سواء كان مازح