صلاح الأولاد وحسن تربيتهم عليه عامل كبير جدا في صلاح الأسر والمجتمعات، ومن الوسائل الجميلة والتي قد لا ينتبه إليه الكثير من أولياء الأمور هو الدعاء بنائه بالصلاح مع الأخذ بأسباب حسن تربيتهم وعدم الدعاء عليهم بالشقاء.
دعاء الوالدين للأبناء:
ومعلوم أن دعوة الوالدين لها دور كبير في صلاح الأولاد، فلنكثر من الدعاء لأبنائنا؛ فكم من دعوة يسرت عسيرًا، وفتحت مغلقًا، وكم من دعوة ردت شاردا، وقربت بعيدا، وأصلحت فاسدا، وهدت ضالا، وكم من دعوة دعا بها أب لابنه فسعد بها الابن، وسعد به أبوه في الدنيا والآخرة، فاللهم هب لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
منهج الإسلام في الدعاء للأولاد:
ومن يتأمل منهج الإسلام في التعامل مع الأولاد يدرك تماما كيف كان صلى الله عليه وسلم حريصا على تثبيت هذا المنهج بالدعاء للأولاد وعدم الدعاء عليهم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو سيد النبيين ـ يعلم أمته هذا الأمر، فيأمرهم بالدعاء لذرياتهم قبل مجيئهم وبعد أن يرزقهم الله إياهم. كما أن آيات القرآن توصي بهذا ففي سورة الأحقاف حكاية عن المؤمنين قولهم: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(الأحقاف:15).
الدعاء حال الجماع:
ومن صور الاهتمام النبوي بهذا الأمر رصه على تعليم أمته الدعاء حال الجماع بان يجنبه الشيطان ويجنب الشيطان ما رزقه إن قدر له رزق من هذ الجماع؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَمَا لو أنَّ أحَدَهُمْ يَقولُ حِينَ يَأْتي أهْلَهُ: باسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بيْنَهُما في ذلكَ، أوْ قُضِيَ ولَدٌ؛ لَمْ يَضُرَّهُ شَيطانٌ أبَدًا).
ثلاث لا ترد دعوتهم:
ومن صور اهتماه الرسول بتثبيت هذا المنهج في التربية أنه كان صلى الله عليه وسلم يأمر المسلمين بأن يكثروا من الدعاء لأولادهم، ويعلمهم أن دعوة الوالد لولده مستجابة لا ترد: (ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ) (البيهقي وحسنه الألباني).
الدعاء للأبناء كما أنه منهج الأنبياء الكرام كذلك هو منهج عباد الرحمن؛ فقد وصفهم الله تعالى بذلك فقال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)(الفرقان:74).
قال أهل التفسير: "يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله ويعبده ويعمل بطاعته، فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة".
قال عكرمة: "لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين".