للشر مداخل كثيرة ومتعددة، ومن يريده للناس، فكأنما يكون قد التقى مع إبليس في ذات الهدف، وحينها لاشك أن الشيطان سيقوده إلى ما يريد بسهولة ويسر.. وبالتالي على المسلم الواعي الذي يهاب ويخشى الله عز وجل ألا يترك نفسه فريسة لأفكار الشر أو الانتقام أو الغضب.
فقد يفعل بحركة واحدة ما يعكر صفو المجتمع كله، بل ويحول مصير أسرة وربما أكثر من حالة الاستقرار إلى تعب لا يمكن وصفه.. ثم إن سألته يقول لك إن كل ما فعله مجرد فعل بسيط.. وهل في أذى الناس فعل بسيط؟.. بالتأكيد لا.. لأن الضرر الذي يحدثه الألم دائمًا ما يكون كبيرًا، ربما تفرح قليلا، لكن سيأتي أمرًا لم يخطر ببالك يغير دفة الأمور تمامًا، وهو انتقام الله عز وجل.. فإياك أن تأذي أحدهم، فيشتكيك إلى الله يومًا.
حركت الوتد
يا من تفكر في أذى الناس، ولا تأبه انتقام الله، اقرأ هذه القصة، إذ يروى أن إبليس أراد الرحيل من مكان كان يسكن فيه مع أبنائه فرأى أحد أولاده خيمة فقال لا أُغادرن حتى أفعلن بهم الأفاعيل فذهب إلى الخيمة فوجد بقرة مربوطة بوتد، ووجد امرأة تحلب هذه البقرة فقام فحرك الوتد فخافت البقرة وهاجت فانقلب الحليب على الأرض ودهست ابن المرأة الذى كان يجلس بجوار أمه وهى تحلبها فقتلته دهسًا، فغضبت المرأة فدفعت البقرة وضربتها بشدة وطعنتها بالسكين طعنا مميتا فسقطت البقرة وماتت، فجاء زوجها فرأى طفله و البقرة فطلق زوجته وضربها، فجاء قومها فضربوه فجاء قومه فاقتتلوا واشتبكوا.. وهنا تعجب إبليس فسأل ولده ويحك ما الذي فعلت ؟.. قال لا شيء فقط «حركت الوتد»، وهكذا يظن الأغلب من الناس أنهم لا يفعلون شيئًا، وهم لا يعلمون أن بضع كلمات قد تكون سببًا في أذى لا مثيل له.
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامكف الأذى
يا من تفكر في أذى الناس، كف نفسك الآن عن ذلك، لأن الأمر جلل، والله قد يمهلك لكنه أبدًا لن يهملك، ويومًا ستجد نفسك في موقف الحساب، وتدفع الفاتورة، ويومها ستكون أكبر من كل إمكانياتك، فماذا أنت فاعل؟.. لن تفعل شيء سوى الندم، وتتمنى لو عاد بك الزمن للوراء لتمتنع عن أذى الناس، ولكن حينها هيهات لا عودة ولا رجوع، بل حساب وانتقام الرب.
قال تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ » (المؤمنون 99 - 100)، وليعلم الجميع أن أذية المؤمنين والمؤمنات من كبائر الذنوب التي حذرنا منها علام الغيوب فقال تعالى: « وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً » (الأحزاب:58).