حسن الخلق ورد الجميل مع أصحاب الفضل علينا من الفروض الدينية التي افترضها الله على عباده، وجعلها من شيم المؤمنين، فمن الواجب علي كل شخص مؤمن بالله ورسله وكتبه وباليوم الأخر، أن يعترف بفضل أصحاب الفضل عليهم الذين مروا بحياته مقدمين معروفا بكل ود ومحبة خالصة بدون انتظار المقابل.
فالخلق الكريم يقتضي مكافأة من يؤدي إليك المعروف، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئوا به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) .
رد الجميل بالخير
ويكون رد الجميل وشكر أصحاب الفضل علينا وإحسان المكافأة باختيار ما يدخل الفرح والسرور عليهم، فكما أنه أدخل على قلبك المسرة ، فينبغي أن تسعى لشكره بالمثل ، قال تعالى : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) الرحمن/60 .
فإن قصرت الحيلة عن مكافأته بهدية ، أو مساعدة في عمل ، أو تقديم خدمة له ، ونحو ذلك ، فلا أقل من الدعاء له ، وقد يكون هذا الدعاء من أسباب سعادته في الدنيا والآخرة .
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من صنع إليه معروف فقال لفاعله : جزاك الله خيرا . فقد أبلغ في الثناء .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في رد الجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان وورد عنه صلى الله عليه وسلم في سياق حديث طويل عن شكره لجميل الأنصار بقوله :( وأنتم معشر الأنصار ! فجزاكم الله خيرا ، فإنكم أعفة صبر ) .
اظهار أخبار متعلقة
الناس للناس
والناس يحتاج بعضهم بعضا، فلا يستطيع إنسان أن يعيش وحده. ومعنى ذلك أن هذا الإنسان سيؤدي إلى الآخرين بعض ما يحتاجون إليه، كما إنه سيأخذ منهم بعض ما يحتاج إليه.
لذلك وجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أُعطيَ عطاءً فوجد فليجْز به، ومن لم يجد فليثن فإن مَن أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلَّى بما لم يُعْطَهْ كان كلابس ثوبَي زور".
فحين لا يقر الإنسان بلسانه بما يقر به قلبه من المعروف والصنائع الجميلة التي أسديت إليه سواء من الله أو من المخلوقين فهو منكر للجميل جاحد للنعمة، وهؤلاء الزمرة من الناس قد توعدهم الله بالنار، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن". قيل: أيكفرن بالله؟ قال: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنَّ الدهر ثم رأت منك شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط".
من لم يشكر الناس لم يشكر الله:
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: "من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب".
وهكذا يوجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى الإقرار بالجميل وشكر من أسداه، بل والدعاء له حتى يعلم أنه قد كافأه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى عليكم معروفًا فكافئوه؛ فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه".