يسأل أحدهم: (هل تتضاعف السيئات كما الحسنات في الأيام العشر من ذي الحجة؟)، والإجابة أن الحسنة والسيئة تتضاعف نظرًا لشرف الزمان، وشرف المكان، فالحسنة في شهر رمضان، وليلة القدر، والعشر الأول من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة ليست كالحسنة في الأيام الأخرى، إذ تُحسب الحسنة بعشر أمثالها، نظرًا لعظم وشرف هذه الأيام، وشرف هذا الزمان، والسيئة في شهر رمضان، وليلة القدر.

والعشر الأول من ذي الحجة، ويوم الجمعة أيضًا ليست كالسيئة في هذه الأيام، إذ يتضاعف إثمها، نظرًا لشرف هذه الأيام، وشرف الزمان، وكذلك الحسنة والسيئة تتضاعف لشرف المكان، فالحسنة والسيئة في مكان كمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وفي المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، وفي أي مسجد عمومًا ليست كالحسنة والسيئة في مكان آخر كالبيت أو المحل، أو الشارع، أو السوق، إذ يختلف الأمر باختلاف وشرف وعظم المكان.

مضاعفة الإثم

يؤكد العلماء أن السيئة في مثل هذه الأيام المباركات (شهر رمضان، وليلة القدر، والعشر الأول من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة)، قد لا يتضاعف عددها، وإنما يتضاعف إثمها، فيما يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد": (تضاعف مقادير السيئات لا كمياتها، فإن السيئة جزاؤها السيئة، لكن سيئة كبيرة وجزاؤها مثلها وصغيرة وجزاؤها مثلها، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه).

ويقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: «فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ»، أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» (الحج:25)، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء.

اقرأ أيضا:

أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبة

ظلم النفس

عزيزي المسلم، إياك أن تظلم نفسك في هذه الأيام المباركات، إذ يقول الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره : (لا تظلموا فيهن أنفسكم) بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئًا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح.

فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً» (الأحزاب:30).