للإسلام أركان يعرفها الإنسان المسلم وهي: (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.. وإقام الصلاة.. وإيتاء الزكاة.. وصوم رمضان.. وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً).
لكن هل يعلم المسلمون أن معرفة الله عز وجل لها أيضًا أركان؟.. فالتعرف على الله كالبناء له أركان ست وهي: (ذكر، مذاكرة، صحبة، تخلق، تفكر، وعلم )، فإذا ذكر العبد ربه، وواصل مذاكرته صباحًا مساءً، نال صحبة ربه في كل وقت، وتخلق بالخلق التي يريدها الله لعباده المقربين، فوصل إلى مرحلة التفكر في الخالق والخلق، فكانت النتيجة أن بلغ درجة العلم بالله.. والعلم بالله أي معرفته حق المعرفة.. ومن ثمّ فمن نال المعرفة بلغ الرضا، ومن بلغ الرضا عاش حياته كأنه يعلم مقداره عند ربه، وبالتالي كأنه يرى مقامه في الجنة بأم عينيه.
التوحيد الأعظم
معرفة الله عز وجل هي باب التوحيد الأعظم، فمن دخل قلبه التوحيد عرف الحقيقة، ومن عرف الحقيقة، سار على الدرب، ومن سار على الدرب وصل، والوصول هنا أي بلوغ معرفة الله عز وجل، وهل هناك أعظم وأجل عند الله من معرفته؟.. بالتأكيد لا، ومن دخل قلبه التوحيد فلا يعبد إلا الله، ولا يسأَل إلا الله، ولا يصرف ألوان العبودية كلها إلا لله وحده.
قال تعالى: «ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ» (الأنعام: 102)، ويقولُ أيضًا سبحانه وتعالى: «إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» (يونس: 3).
ومن ثمّ فإن امتلاء القلوب بمعرفة الله وتوحيده وإجلاله يُخرج منها فسادها وأمراضها وتكبرها، ويزكي النفوس والأرواح، ويُؤسس فيها معاني الإيمان، وحقائق اليقين، والتوكل، والإخلاص، والصدق، فيصبح العبد ويمسي في نعيم لا يُشبهه نعيم.
قدر الله
كثير من الناس لا يقدرون حق قدره، وهو أمر لو تعلمون عظيم، فقد روى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات مرة على المنبر: « وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» (الزمر: 67).
ورسول الله يقول هكذا بيده، ويحركها، يُقبل بهما ويدبر: «يمجد الرب تعالى نفسه: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم»، فرجف المنبر برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قلنا: ليَخِرَّنَّ به"، وفي رواية لمسلم: «حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول: أساقطٌ هو برسول الله صلى الله عليه وسلم؟»… فيا من تريد معرفة الله، سر على الأركان المذكورة تصل، ومن وصل نال ما تمنى.
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة في شعبان .. من أحياها حاز أعلي الدرجات في الجنة ..وحظي بشفاعته يوم القيامة