لا يمكن أن نعتبر الأخلاق من كماليات الدين بمعنى أنها أمور تكميلية يمكن الاستغناء عنها كما يحلو للبعض أن يتصور أن الدين عقائد وعبادات ثم أمور تحسينية هي الأخلاق وهذا خطأ فادح.
فضل الأخلاق:
وللأخلاق فضل كبير وجاءت بذلك الأحاديث منها ما قاله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه))، عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)).
كما أن الأخلاق الحسنة سبب في محبة الله لعبده، وقد ذكر الله تعالى محبته لمن يتخلق بالأخلاق الحسنة، والتي منها الصبر والإحسان والعدل وغير ذلك، فقد قال الله تعالى: وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ،فالأخلاق من الأمور الأصيلة التي لا يصح التفريط فيها وهي لا تقل أهمية عن العقائد والعبادات بل هي الثمرة لهما فما معنى أن يكون عابدا ورعا لكنه سارق فظ القلب بذيء اللسان.
الأخلاق من ثوابت الدين:
ومع أهمية الأخلاق فإن هناك من يتكلفها ويتظاهر بها ويتصور من يعامله أنه على خلق وربما يثق فيه ويركن إليه ويعتبره على صواب لكن هناك ضوابط معينة يلوم مراعاتها ليكون المؤمن على بصيرة من أمر نفسه وحتى تختلط الأخلاق بوجوده لا تنفك عنه مهما تغير حاله أو زمانه أو مكانه لا يزال متمسكًا بأخلاقه ومبادئه الإسلامية التي تربى ونشأ عليها.
اختبر أخلاقك بهذه الطريقة:
والأخلاق الأصيلة التي تفك إذا عن صاحبها في كل أحواله ويمكن اختبار ذلك في أمور تعرفها أنت من نفسك قبل يعلمك غيرك بها، وأهم هذه المواقف ما يلي:
-الأخلاق حال الخصومة.
-الأخلاق حال الغضب.
-الأخلاق في الخفاء.
-الأخلاق في الفرح والحزن.
-الأخلاق في العسر واليسر.
-الأخلاق في السفر والإقامة.
-الأخلاق في الغنى والفقر.
-الأخلاق في المنشط والمكره.
الأخلاق معك من المهد إلى اللحد:
وهذه الاختبارات يعرفها المسلم من نفسه فهو لابد ان يكون واحد قدر المستطاع ثابت على أخلاقه ومبادئه مهما تغيرت أحواله فلا يفرق معه ان يكون غنيا ثم يفتقر ولا معنى أن يكون خلوقه إن كان بين اهله وأسرته فإن سافر أو اغترب تخلى عن أخلاقه كما لا معنى أن يكون خلوقا في حال سكونه فإن اختلف مع غيره أو تخاصم فجر في الخصومة وكان شديدا غليظا هائجا أيضا لا معنى أن يكون خلوقا في حال في جميع أحواله لكنه إن فرح فسق وجاهر بالمعصية وكذا إن حزن أو ألمت به مصيبة اعترض على قدر الله بفعله ولسانه.
كل هذه الصور وغيرها هي بمثابة ميزان يضبط به العبد أخلاق التي هي لازمة له لزوم عقيدته وعبادته لا تنفك عنه والتي لخص الرسول صلى الله عليه وسلم بعثته فيها حين قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".