الله عز وجل لا ينسى، وحاشاه عن ذلك: «قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى» (طه 52)، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» (غافر 19).
وبالتالي هو يعلم كل ما تفعله من ذنوب، بل ويعلم نواياك قبل الوقوع فيها، ويراك حين تقوم بهذا الذنب، ومع ذلك، فإنك حينما تعود وتتوب إليه، فإنه رغم عدم نسيانه ما فعلت، إلا أنه يفرح بك وبتوبتك، فيتخطى ذنبك بإرادته سبحانه، وهو وحده القادر على ذلك، رغم عدم نسيانه، لكن فرحته بتوبتك أكبر من أن يقف أمام ذنبك مهما كان.
فرحة الله بتوبة العبد
هل تذكرون هذا الحديث: «عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : للهُ أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن ، من رجل في أرض دَويّة مهلكة ، معه راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه ، فأنام حتى أموت ، فوضع رأسه على ساعده ليموت ، فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه ، ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح، فاللهُ أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده».
يبين هنا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أن (الَلهُ أفرح بتوبة العبد من فرح هذا العبد بعودة ناقته)، وكأن الله عز وجل يريد أن يقول لنا: (اعتبرني نسيت عَمَيْلَكْ من فرحتي برجوعك) ، وبالفعل هل هناك أحد يفرح بآخر فيتذكر له الماضي الشيء؟، بالتأكيد لا.. لكن للأسف هناك عباد يرددون (العباد من فرحتهم ينسون.. والله لا ينسى)، نعم الله لا ينسى، لكنه يفرح بتوبتك فلن يحدثك عن ما مضى أبدًا، طالما كنت صادقًا في توبتك.
اقرأ أيضا:
الإيثار.. إحساس بالآخرين وعطاء بلا حدودأبعد كلّ هذا يغفر الله لي؟
إذن الخلاصة عزيزي المسلم، أنه مع كثرة الذنوب ، وتوالي الخطايا ، ومع الانسياق نحو الموبقات رغم تكرار الوعود وقطع العهود ، يتنامى سؤال كبير يدور في نفوس العصاة من بني آدم : «أبعد كلّ هذا يغفر الله لي ؟ وهل عساني أظفر بالعفو وقبول التوبة»؟.
والحقيقة أن الله يغفر كل شيء ما لم يغرغر العبد، أو يشرك به، فقط هذان الشرطان اللذان يمنعان التوبة، أما ما دون ذلك، فالله سيقبل توبتك، طالما كانت خالصة وصادقة له سبحانه، ولا تنسى عزيزي المسلم أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أخبر من حوله أن فرح الله بتوبة عباده وإقبالهم عليهم أشد وأعظم من هذه الفرحة التي طغت على مشاعر الرجل : «فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده».