كثير من الناس حينما يحصل على خدمة ما، هكذا دون تدخل أي بشر في الأمر، تراه يرجع الأمر لحُسن الحظ، وهو لا يدري أن الله وراء هذا التوفيق، وأنه سخر له كل هذه الأمور، حتى يحقق ما أراده الله له، بينما إذا حصل على مساعدة من أحدهم، فإنه يشعر بأن عليه ردها، ويأتيه شعور المن من فوره، بينما حينما تأتي (المخالصة) من الله تراه لا يفكر في الرد، رغم أن الله عز وجل لا يمكن أبدًا أن يمن على عباده، وإنما على المرء فقط أن يعي أن الله سبحانه وتعالى اصطفاه دون غيره، وهو أمر يحتاج لوقفة شديدة، وحمد لا نظير له لله عز وجل.
عون الله
لكن كيف يحصل المرء على مساعدة الله أولا، ثم كيف يعرف أنها من الله؟.. أولا، الحصول على مساعدة الله تأتي من أكثر من باب، أولها: (مساعدة الغير) ذلك أن الله عز وجل يكون في عون العبد مادام كان هذا العبد في عون أخيه، كما أن هناك قاعدة شرعية تقول: (الجزاء قد يكون من جنس العمل).
قال تعالى: « إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ » (محمد: 7)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: « فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ » (البقرة: 152).. فقط يساعد المرء أخاه، يحصل على ما يريد وأكثر، ذلك أن العاطي هنا والمناح هنا، هو الله عز وجل.
وقد توعد هو بذلك، فقال سبحانه وتعالى: « وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ » (البقرة: 40)، فيما يقول نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة)؛ رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة».
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبةلا تنس الله
عزيزي المسلم إياك أن تكون مع الذين نسوا الله -والعياذ بالله- ذلك أنه من حافظ على أوامر الله حفظه الله في الدنيا والآخرة، ومن لم يحفظ الله لم يحفظه الله، قال تعالى: « وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ » (الحشر: 19)، ذلك أن من حفظ الله كان الله معه، يحفظه وينصره، قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ » (النحل: 128).
فإذا حصل يومًا على خدمة ما لا تعرف من أين أتت.. فاعلم أنها جاءتك من الله، ذلك أنك وقفت بجانب أحدهم يومًا، فوقف الله بجانبك في ذلك اليوم، إن من يمتثل بأوامر الله أخرجه الله من الشدة، ومن عرف الله حال رخائه وصحته وغناه، عرفه الله عندما تحل به الشدة والضيق والفقر والمرض، قال صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر الدعاء في الرخاء».