دائمًا ما يتعجل الناس انتهاء عمل الخير بعد صلاة فجر السابع والعشرين من شهر رمضان، الموافق على حد قول بعض العلماء لليلة القدر، حيث يعتبر البعض أنه بمجرد انتهاء فجر هذا اليوم، فقد انتهى رمضان، وبالتالي تتوقف صلاتهم وصدقاتهم وزكواتهم وتسبيحهم، رغم أن الشهر مازال ينتظر ثلاثة أيام كاملة من بينها ليلة وترية مرشحة لتكون ليلة القدر، ومازالت العشرة الأخيرة التي نبه النبي صلى الله عليه وسلم على فضلها مستمرة وفيها من الخير ما يحتاج لمزيد من الإقبال عليها لعلها تكون سر القبول عند الله.
فالأعمال دائما تعرف بخواتيمها، وما أجمل أن تزين شهرك وطاعتك بالمزيد من الذكر وقراءة القرآن والتهليل والتكبير في الساعات القليلة المتبقية من شهر رمضان، فالإنسان حينما يريد أن يخرج للنزهة تراه يدقق النظر في تفاصيل كل شيء، فتجده على سبيل المثال يضع العطر على ملابسه بعد أن يرتدي أفضل ما لديه، ليكون عطره هو خاتمة بهائه وزينته.
كما أن الإنسان حينما يقوم بشراء هدية لعزيز عليه فقد تجده يهتم بتغليف الهدية بالشكل اللائق بها، بالرغم من أن قيمة الهدية أغلى وأثمن قيمة الغلاف، لكنه مع ذلك يهتم بالحقيبة أو العلبة والغلاف الذي سيضع فيه هديته بشكل أكثر أهمية.
ونحن نعيش هذه الأيامَ الأخيرةَ بل هذه الساعات أو السويعات الأخيرة والفاصلة من هذا الشهر العظيم الكريم، نحتاج إلى المزيد من الجهد مع الله في أن يتقبل طاعتنا، وأن تكون الختمة مسكن ولا نتحول إلى التي نقضت غزلها، أو الإنسان الذي قام بصناعة صينية جميلة من الحلوى ثم رش عليها الملح، فكيف ونحن نداوم على الصلاة والصيام والقيام والذكر طوال الشهر، نضيع ما قمنا به طوال الشهر في الأيام الأخيرة التي نبه النبي صلى الله عليه وسلم على تزيينها في الخاتمة الحسنة.
اظهار أخبار متعلقة
فالأعمال تعرف بخواتيمها، لذلك أفضل ما يدعو به المؤمن لنفسه هو حسن الخاتمة، ونحن على أعتاب الساعات الأخيرة من رمضان، وقد لا تتكرر الفرصة، وقد لا نشهد رمضان مرة، فكما كان رمضان هو رمضان الاخير لبعض أحبائنا وأقاربنا الذين توفاهم الله العام الماضي، قد يكون هذا العام هو رمضان الاخير بالنسبة لنا، فكيف ننتهز الفرصة؟.
فهذاَ الشهرَ فرصةٌ لا تُعوَّضُ، وقد لا تتكرَّرُ لكثيرٍ من الناس، فرصَةٌ لا تعوَّضُ للتوبة إلى الله والإنابةِ إليه والإقبالِ إلى طاعته، والنَّدَمِ على التفريطِ في جَنبِ الله والتوبةِ إليه من كل ذنبٍ وخطيئة.
وروى ابن حِبَّان في صحيحه من حديث مالكِ بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صَعِد المنبر فقال: "آمين"، فلمَّا رقى عَتَبَةُ منه، قال: "آمين"، فلمَّا رقى العتبة الثانية، قال: "آمين"، فلمَّا رقى العتبة الثالثة قال: "آمين"، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "أتاني جبريلُ، فقال: يا محمدُ، من أدرك رمضان، فلم يُغفَرْ له فأبعده الله، فقل آمين، قلتُ آمين، ثم قال: يا محمد، من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يُدخِلاه الجنة، فأبعدَهُ الله، فقل آمين، فقلت: آمين، ثم قال: يا محمدُ، من ذُكِرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فأبعدَهُ الله، قُل: آمين، فقلت: "آمين".
الذكر والتهليل والتكبير
على المسلم أن ينتهز هذه الفرصة الأخيرة في السويعات القليلة المتبقية من شهر رمضان، بالذكر والتهليل والتحميد والتكبير والذكر والمزيد من الصدقة، ولنَتُب إلى الله توبة نصوحًا، ولْنَنتهِز هذه الفرصةَ، فرصة شهر رمضان المبارك؛ لنتوب إلى الله توبة صادقة من كل ذنب وخطيئة، و بتقوى الله، وإخراج زكاة الفطر التي جعلها الله تبارك وتعالى طُهرَةً للصائم من الرفَثَ والخطأ والفُسوق، وجعلها طُعمَةً للمساكين.
ومن الأحكام التي يجب علينا فعلها هذه السّنةُ العظيمةُ التي دل عليها قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾ [البقرة: 185]؛ أي: عدة أيام الصيام: ﴿ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة : 185]، وهذا فيه إشارةٌ أنَّ من وفقه الله وأعانَه على إدراكِ شهر الصيام إلى تمامِه، أن يشكُر الله على هذه النعمة العظيمة ويُكبِّرَ الله ويعظِّمَهُ: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].