مع الساعات الأخيرة من شهر رمضان المبارك، قد يسأل المرء نفسه، ما هو العمل الذي من الممكن يستمر معي طوال العام، وليس في رمضان فقط؟، والحقيقة أن أعظم الأعمال التي بكل تأكيد تستمر معنا طوال العام، هو الذكر، فهو عمل لا يأخذ منا وقت كبير، إلا أن فضله مستمر ويديم.
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأكل أهل الجنة فيها، ويشربون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح، والتكبير، كما تلهمون النفس»، إذن التسبيح والذكر والتكبير من الأمور التي تستمر معنا في الجنة، فكيف بنا ونحن مازلنا في الدنيا؟!.
رطب اللسان
عزيزي المسلم، إذا كان الماء البارد يرطب على العطشان جوفه في حر الصيف، وإذا كان البلح الرطب يرطب على قلب المؤمن الصائم بمجرد أن يلتقم منها تمرات قليلة يفطر بهن، فإن الذكر هو الرطب الذي يلين القلب والروح، ليس في الدنيا فحسب وإنما في كل الأوقات.
عن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن أبواب الخير كثيرة، ولا أستطيع القيام بكلِّها؛ فأخبرني بما شِئت أتشبَّث به ولا تُكثر عليّ فأنسى، وفي رواية: إنَّ شرائع الإسلام قد كَثُرت عليَّ، وأنا قد كَبِرت؛ فأخبِرْني بشيء أتشبَّث به، قال: «لا يزال لسانك رطبًا بذِكر الله تعالى»، فقط الذكر هو الذي يعين المرء على دينه ودنياه، ذلك أن الله يكون معه أينما كان، والمتأمل في نصوص الكتاب والسنة، ليرى عجبًا في بيان أهمية الإكثار من ذكر الله تعالى، ففي الجِهاد في سبيل الله وحال ملاقاة الأعداء، يأمر الله تعالى بالثبات وبالإكثار من ذكره، « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (الأنفال: 45).
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهامضاعفة الحسنات
أيضًا من أراد مضاعفة الحسنات فعليه بالذكر، ولمّ لا وهي أحب الكلمات إلى الله عز وجل، إذ أن الله عز وجل يحب أن يسمع من عبده (يارب) ويا الله، والحمد لله، وسبحان الله، وهكذا، ومن هذه الأذكار: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)، حيث وردت في فضلها أحاديث كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم : «أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا يضرُّك بأيِّهنَّ بدَأتَ».
وأخرج الإمام الترمذي عن أنسٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لتُساقط من ذُنوب العبد كما تَساقَط ورقُ هذه الشجرة»، فإذا كنت من الشاطرين في التجارة مع الله، فعليك بالذكر، فإنه بكلمات قليلة تصل إلى أعالي السماء في لحظة.