سورة الحجر، إحدى السور المكية، التي يغفل عنها كثير من الناس للأسف، رغم ما بها من فضائل عظيمة، و(الحجر) بتثليث الحاء تعني المنع، أما (الحِجْرُ) و(الحُجْرُ)، فهما لغتان في معنى (الحرام).
وقد رد في فضلها أحاديث موضوعة لا يصح أكثرها، ومنها، حديث مروي عن الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، يقول: «يا عليّ مَن قرأَ سورة الحِجْر لا يُنصب له ميزان، ولا يُنشَر له دِيوان، وقيل له: ادخل الجنَّة بغير حساب، وله بكلِّ آية قرأَها مثلُ ثواب أَصحاب البلاء».
وينتشر بين العوام أن قراءة سورة الحجر تساعد على جلب الرزق، لكن هذا الأمر لا دليل عليه لا من الكتاب ولا من السنة كما قال بعض أهل العلم، لكن بالتأكيد أي آية أو حرف في القرآن الكريم لهو ذو فضل عظيم، فما بالنا بسورة كاملة؟!
أهل الحجر
من هم أهل الحجر الذين سميت باسمهم السورة الكريمة؟، فقوم سيدنا صالح عليه السلام هم أصحاب الحِجْر, وتناولت السورة الحديث عنهم في خمس آيات، وهي السورة الوحيدة في القرآن التي ذكرتهم بهذه التسمية، و(أصحاب الحِجر) هي منازل ثمود ونبيهم صالح عليه السلام، ومساكنهم موجودة إلى اليوم تحت مسمى مدائن صالح في الأردن.
قال تعالى: «وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (الحجر 84).
وقد روى البزار عن أبي هريرة أبي سعيد رضي الله عنهما: قالا: جاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجلاً يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف، فسكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم».
أن تكون مسلمًا
تبدأ السورة بفضل عظيم يتمثل في أن نولد مسلمين بلا حول من ولا قوة، وهو اختيار رباني عظيم، لو ظللنا أعمارًا على أعمارنا نشكره على هذا الفضل فقط، ما وفيناه حقه سبحانه وتعالى.
فقد روى الطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين، ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم، وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأُخذنا بها. فسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة فأُخرجوا. فلما رأى ذلك من بقي من الكفار في النار، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين، فنخرج كما خرجوا). قال: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ 1 رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ 2 ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 3 وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ 4 مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ» (الحجر:1-2).
اقرأ أيضا:
من نزع الروح إلى تحلله لتراب.. لماذا يبدأ الموت من حيث انتهى خلق الإنسان؟ (الشعراوي يجيب)