قيام الليل دأب الصالحين وسنة الأنبياء والمرسلين وهو هدية الله لعباده الذين يحبهم ويحبونهم ويؤثرون الآخرة على الأولى يقول تعالى في شأنهم: "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {السجدة :16-17}"، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام. رواه الترمذي.
فضائل قيام الليل:
وقد بينت الأمانة العلمية لإسلام ويب عددا من فضائل قيام الليل، ومنها: أنه سبيلٌ إلى القيام بشكر نعمة الله على العبد، والشاكرون قد وعدهم الله بالزيادة، كما قال تعالى: وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}، فقد قالت عائشة ـ رضي الله عنها: كان النبي صلى الله علية وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً. متفق عليه.
كما أنه يقربُ إلى الله عز وجل، وهو سببٌ في تكفير سيئات العبد ومغفرةِ ذنوبه، فعن عمرو بن عنبسة ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن. رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم على شرط مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد. رواه الترمذي في جامعه وحسنه الألباني.
ـ أنه يعرض صاحبه للنفحات الإلهية ويكون سببا لإجابة دعائه وإعطائه سؤله وقت نزول الرب عز وجل إلى سماء الدنيا، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له. رواه البخاري ومالك ومسلم والترمذي وغيرهم.
ـ أنه يُحصّل لصاحبه الثواب المضاعف فقليله يُزيلُ عنه اسم الغفلة، ومتوسطه يكسوه اسمَ القنوت، وكثيره يجلبُ له قناطير الأجر، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين. رواه أبو داود.
-وأما تقليل النوم فمما يساعد عليه الحرص على نوم القيلولة ونوم أول الليل فمن فعل ذلك ربما استغنى عن غير ذلك من النوم واستفاد من وقت آخر الليل، وقد روى البخاري ومسلم عن أبي برزة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء وكان يكره الحديث بعدها.
قيام الليل في رمضان:
وإذا كان قيام الليل وغيره من الفضائل محمودًا في كل الأوقات فهو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان آكد لأنه موسم للطاعة وتتضاعف فيه الحسنات وفيه من الوسائل المساعدة والمحفزة الكثير منها أن فيه تسلسل الشياطين وتفتح أبواب اجنة وتغلق أبواب النار ففي الحديث: وعن أبي هريرة، أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: إِذا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجنَّةِ، وغُلِّقَت أَبْوَابُ النَّارِ، وصُفِّدتِ الشياطِينُ متفقٌ عَلَيْهِ.