كل شاب يريد الزواج والحصول على عمل جيد يقتات منه هو وأهل بيته، لكن الكثير يضل الطريق إلى ذلك، لأن الزواج رزق، والعمل أيضًا رزق، والزرق بيد الله سبحانه وتعالى وحده، ولا يمكن لغيره أن يمنحه لأحد مهما كانت سلطته، فإن كتبه الله لك ستحصل عليه، وإن لم يكتبه فمهما حدث لن يكون لك، إلا أن الله لم يغلق في وجوهنا كل الأبواب.
إذ أنه عندما خرج نبي الله موسى عليه السلام من مصر إلى "مَدين" لم يكن لديه بيت ولا وظيفة ولا زوجة، إلا أنه صنعَ معروفا ثم تولى إلى "الظل" ورفع يديه إلى السماء وقال :«رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِن خَيْرٍ فَقِيرٌ»، لم تغرب شمس ذلك اليوم إلا وصار لديه بيت ووظيفة وزوجة.. إنها قدرة صناعة المعروف على حل كل المشكلات.
صناعة المعروف
هذا نبي الله إبراهيم خليل الرحمن قد بلغ الدرجات العلا من صناعته للمعروف، وهذا موسى عليه السلام، قد نال أجر صناعة المعروف بسقي المرأتين كما حكى لنا القرآن ذلك؛ يقول المولى تبارك وتعالى: « وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ » (القصص: 23، 24).
ومن ثمّ، إياك أن تحقر شيئًا من المعروف لأن الله بذاته العليا هو من يرده لصاحبه، فعن أبي جري الهجيمي، قال: أتيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه، إنَّا قوم من أهل البادية، فعلِّمنا شيئًا ينفعنا اللَّه - تبارك وتعالى - به قال: «لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تُفْرِغَ من دَلْوِكَ في إناء المستسقي، ولو أن تكلِّم أخاك ووجهك إليه منبسط».
اقرأ أيضا:
أصبت بالاكتئاب بعد وفاة أمي وتعالجت لكنني انتكست .. ما العمل؟الأنفع للناس
كن، الأنفع للناس، تحصل على كل ما تريد مهما كان، قد تتزوج، وقد تتوظف، وقد ترزق المال الوفير، ولمّ لا وهو وعد الله لنا، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أيُّ الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله - عز وجل - أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سُرور تدخله على مُسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأَنْ أمشي مع أخ لي في حاجةٍ أحبُّ إلِيَّ من أن أعتكفَ في هذا المسجد شهرًا - في مسجد المدينة - ومن كف غضبه ستر الله عَوْرته، ومن كَظَم غضبه، ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رخاءً يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتَّى تتهيأ له، ثبَّت الله قدمه يوم تزول الأقدام».