يغتر الإنسان بنفسه، ويتصور أنه -على خلاف عقائده- أفضل ما خلق الله عز وجل، وأنه يمتلك ما يمتلكه غيره على الإطلاق، من عقل وطرق تفكير، ورجاحة فهم، وزنة للأمور، بل يكفي أن الله أورثه الأرض ومن عليها، إلا أنه إذا خرجنا بعيدًا عن الأرض، وتصورنا حجم الكون، سنجد أن هذا الإنسان (المتكبر) أصغر مما يتخيل وضئيل لدرجة لا يمكن تخيلها أمام صنيع الله عز وجل في الكون.
فالكون هو كل شيء خلقه الله سبحانه وتعالى «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر» (القمر: 49)، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الكون المرئي الذي بدأ قبل 13.78 مليار(ألف مليون) سنة تقريباً منذ لحظة الانفجار الكبير (الفتق الكبير) يحتوي على ما يقارب مليار حشد مجري.
قال تعالى: ««إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً، وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ، النَّارِ» (آل عمران 190 و 191).
العنقود المضيء
لو نظرنا إلى الكون من أعلى سنجده مثل العنقود المضيء، داخل مثلث بيضاوي كبير، هذا العنقود يُسمى "عنقود لانياكيا" يحتوي على 100,000 مجرة، كل مجرة تحتوي على مليارات النجوم، وبالنظر إلى حجم الكون لو تتبعنا مجرتنا سنجدها شيئًا لا يذكر داخل هذه الفجوة أو العنقود، وهي مجرة تسمى "درب التبانة" وتحتوي على 300 مليار نجم، أحد هذه النجوم هي "الشمس" التي تشرق علينا كل صباح.
كما أن هناك 10 ملايين عنقود في الكون مثل عنقود لانياكيا، مما يعني أن هناك ملايين وربما المليارات من العناقيد الاخرى، وهنا نتيقن من قوله تعالى: «وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ».
يقول الإمام الحسن البصري: «ذات الحبك حبكت بالنجوم»، وقال قتادة (والسماء ذات الحبك) يعني السماء السابعة، وكأنه والله أعلم أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة أي النجوم المرئية وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلالأجرام السماوية
يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ..»، فهناك من الأجرام ما له ضياء (النجوم بما فيها الشمس) وأخرى لها نور (القمر والكواكب): «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ» (يونس: 5).
فالقرآن الكريم غني بالإشارات والدلالات الدقيقة على الكون وما يحتويه من مختلف الأجرام السماوية من سدم ومجرات ونجوم وكواكب وأقمار، وبخاصة الشمس والقمر، فلا يتقدم جرم على آخر ولا يتأخر عنه، وكل منها، صغيراً كان أم كبيراً، في حركة دائمة مستمرة، ولكلٍ مداره (فلكه) الخاص به والسرعة المناسبة له، «لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ» (يس: 40).