شتان ما بين الحقيقة والوهم، فالحقيقة أن تعرف الحق وتؤمن به، وتعمل من أجله، والوهم أن تمضي خلف هواك حتى يضل سعيك وأنت واهم بأنك تحسن صنعا، حتى يأتي وقت الثمر فتجني الشوك.
هذا ما دلت عليه آيات سورة الشعراء الكريمة، حينما فرقت بين التوحيد الخالص في قول المخلصين والموحدين، وعمل الصالحين، وبين قول الشعراء والمنجمين وعمل المفسدين.
الفرق بين الحقيقة والوهم
وسميت سورة الشعراء بهذا الاسم، لاختصاصها بتمييز الرسل عن الشعراء؛ لأن الشاعر إن كان كاذباً، فهو رئيس الغواة، لا يتصور منه الهداية، وإن كان صادقاً، لا يتصور منه الافتراء على الله تعالى، فلا علاقة لهم بالرسالة النبوية، وحتى يتم تبرئة مقام الرسول صلى الله عليه وسلم، من أن يكون شاعرا، لتثبت له صلى الله عليه وسلم النبوة، والحكمة من سورة الشعراء تكمن في تأكيد توحيد الله عز وجل، بالإضافة إلى الخشية من الآخرة والتصديق بوجود الوحي الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله عليه الصلاة والسلام.
عاقبة المكذبين والمتمسكين بالوهم
وعلى الجانب الآخر بينت سورة الشعراء، عاقبة المكذبين والمتمسكين بالوهم، من خلال عذاب الدنيا و عن طريق عذاب الآخرة الذي يتعرض له الكافرين نتيجة الكذب.
فيدل المقصد الرئيسي لسورة الشعراء عاقبة الكذب وأثره على إخلاص القلوب، كما فضحت السورة نوايا هؤلاء المكذبين وشهواتهم، كما حذرت من استهزاءهم بالرسالة، وإعراضهم عن الآيات المُنزلة من الله تعالى، واستخفافهم بالعذاب الذي تُوعدوا به لدرجة استعجاله، بالإضافة إلى أنهم قالوا على القرآن والوحي أنه عبارة عن شعر أو سحر نزل عليهم بواسطة الشياطين، فتحدت السورة هؤلاء العاجزين عن معارضة القرآن، كما ردت السورة على ما طعنوا به في القرآن.
وضربت سورة الشعراء المثل بقصة موسى ومناظرته مع فرعون، والذي عُرف بأنه زعيم الطغاة، والتي تضمنت ذكر السحرة، وما يقومون به من خداع ومكر، ولكن وصل الأمر في النهاية إلى إيمانهم بالله سبحانه وتعالى، وذلك لتجعل المؤمنين يطمئنوا ويصبروا على ما يواجهون من قساوة المشركين، مما جعلهم يثبتوا على العقيدة مهما تعرضوا لأذى.