يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، ومن هذه الأسماء الهامة جدًا، والتي يجب على كل مسلم أن يقف أمامها كثيرًا، اسم الله (العدل).
وأهمية هذا الاسم تكمن في أنه صفة من صفات الله ، فهو سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وقد أمرنا سبحانه وتعالى بالعدل بعد أن سمى به نفسه ، وعدل الله لا يقتصر على منصة القضاء والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، بل أنه سبحانه وتعالى عليم بذات الصدور أمرنا أن يكون في القلب عدل، وأمرنا أن نكون عادلين في الأفكار وفي المعيش وأن نتعامل بالمعروف فنكون عادلين في وصفنا للأشياء، وعادلين في تعاملنا مع الإنسان والأكوان؛ فالإسراف ليس عدلاً، والتطرف ليس عدلاً.
منتهى العدل
إذن كل شيء أوجده الله عز وجل إنما قام بالعدل، فما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل، والله تعالى هو العدل، لا يظلم أحدًا، ولا يحابِي أحدًا، ولا يجور على أحد، مع أن الخلق خلقه، والأمر أمره، والملك ملكه، ومع تلك العظمة والجبروت والسلطان اتصف بالعدل، فالله تعالى عدل في أحكامه، وعدل في عطائه، وعدل في منعه، وعدل في دينه، وعدل في جزائه، وعدل في كل صفاته، ولا أعدل من الله أبدًا.
عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرَّمًا، فلا تظالموا» وهو ما يؤكده ربنا في قوله سبحانه وتعالى: « وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا » (الكهف: 49).
والله تعالى يحكم بين عباده بالعدل، فيجازي صاحب الإحسان بالإحسان، ويجازي صاحب السوء بمثل عمله، والله عز وجل يحكم بين عباده يوم القيامة بمنتهى العدل، قال تعالى: «وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ » (الأنبياء: 47).
اقرأ أيضا:
أدرك عمرك قبل فوات الأوان بهذه الطاعاتأين عدلنا؟
عزيزي المسلم، نحن أيضًا مأمورون بالعدل، فأين عدل البشر بين البشر، وأين عدلنا مع سائر الحيوانات، وحتى مع البنات والصحراء، أين عدلنا في الطرق، وفي الكلام وفي الزواج، وفي كل شيء؟.
قال تعالى: « إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا » (النساء: 58).
فالحكم بين الناس بالعدل أمان للضعفاء والفقراء، والحكم بالعدل يمنع الظلم والطمع والجشع، والحكم بالعدل يحيي الحقوق.
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » (المائدة: 8).