يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» (فصلت 17)، فما هو العذاب الهون؟.. الهُون هو: (الهوان والخزي).
فتخيل أنك تعيش حياتك (بالطول والعرض) وكما تشاء، وفي النهاية يكون مصيرك (الخزي)، فإنما هو مصير سيء لا يتمناه أحد على الإطلاق، لكن كي لا تقع فيه عليك باتقاء الله عز وجل، والسير في طريق نبيك الأكرم صلى الله عليه وسلم، لأن الله لا يمكن أن يخزي المؤمنين.
قال تعالى: «رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ» (سورة آل عمران)، فإنك - يا ربنا - من تدخل النار من خلقك فقد أهنته وفضحته، وليس للظالمين يوم القيامة من أعوان يمنعون عنهم عذاب الله وعقابه.
الخزي يوم القيامة
والخزي يوم القيامة، أي أنه لن يجد أصحاب الصوت العالي في الدنيا، من يدافع عنهم يوم القيامة، فالكل سيتخلى عنه، ويقول نفسي نفسي، قال تعالى: «ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ» (سورة النحل).
وبين الله عز وجل في كتابه الكريم، حال الكفار يوم القيامة في آيات كثيرة، ومن هذه الآيات ما يبين حال خروجهم، قال تعالى:«يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ*خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ» (المعارج:43-44)، فيخبر الله تعالى أنهم يخرجون من الأجداث وهي القبور مسرعين، وشبه سرعتهم في ذلك اليوم بسرعتهم حين كانوا ينطلقون إلى أنصابهم.
لكنهم اليوم لا ينطلقون فرحين، بل وهم أذلاء أبصارهم خاشعة، فتكون النتيجة: «فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ*خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ*مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ» (القمر:8).
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلامجزاء الكذب على الله
فمن يقعون في العذاب الهون، ومن يخزون يوم القيامة، إنما هم هؤلاء الذين كذبوا على الله تعالى، فيخزيهم الله عز وجل، ويذيقهم عذاب الهون، قال تعالى: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ».
وفي البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن: رجلاً قال يا نبي الله: يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟! قال: «أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً أن يمشيه على وجهه يوم القيامة»، قال قتادة: بلى وعزة ربنا، فإياك أن تكون ممن يمنعون ذكر الله، أو يبتعد عن ذكره، فتنال الخزي والعذاب الهون يوم القيامة.
قال تعالى يحذرنا من ذلك: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (سورة البقرة).