كان يوجد بين العرب قبل الإسلام عدد من الحكماء، الذين ينطقون بالحكمة، وكان كلمهم أقرب إلى دعوة الوحدانية والحنيفية السمحة.
حكيم بني عبس:
يقول الصحابي عبد الله بن عباس : " إن رجلا، من بني عبس، يقال: له: "خالد بن سنان" قال لقومه: إني أطفئ نار الحدثان- نواب الدهر- .
فقال له رجل من قومه، يقال له: عمارة بن زياد: والله يا خالد، ما قلت لنا قط إلا حقا، فما شأنك ونار الحدثان، تزعم أنك تطفئها؟
فخرج خالد ومعه ناس من قومه، فيهم عمارة بن زياد، فخطّ لهم خالد خطا، فأجلسهم فيها، فإذا هي تخرج من شق جبل في حرة، يقال لها: حرة أشجع، فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا.
فاستقبلها خالد بعصاه، فجعل يضربها، ويقول: بدا بدا، كل هدى مؤدى، زعم ابن راعية المعزي أني لا أخرج منها، وثيابي تبدى.
وقد كان خالد قال لهم: إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي، فأبطأ عليهم، فقال لهم عمارة بن زياد: إن صاحبكم والله إن كان حيا، لقد خرج إليكم بعد فادعوه باسمه، قالوا له: إنه قد نهى أن ندعوه باسمه، فدعوه باسمه، فخرج إليهم.
فقال لهم: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي، فقد والله قتلتموني، احملوني، فادفنوني، فإذا مرّت عليكم الحُمُر، فيها حمار أبتر، فانبشوني، فإنكم ستجدوني حيّا.
فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر، فأرادوا نبشه، فقال لهم عمارة بن زياد: لا تنبشوه، لا والله لا تحدث مضر أنا ننبش موتانا.
وقد كان خالد قال لهم: إن في علم امرأته لوحين، فإذا أشكل عليكم شيء، فانظروا فيهما فإنكم ستجدوني بما تريدون، ولا تمسها حائض، فأتوا امرأته، فسألوها عنهما، فأخرجتهما إليهم، وهي حائض، فذهب ما كان فيهما من علم ".
عجيبة أخرى:
وكان من أعاجيبه أنه قال: إن امرأتي حامل بغلام واسمه مرة، وهو أحيمر كالدرة، ولن يصيب المولى معه تضرة، ولن تروا ما دام فيكم معرة، ثم قال: إني ميت إلى سبع، فادفنوني في هذه الأَكَمَة -مكان مرتفع-، ثم اخرجوا إلى قبري بعد ثالثة، فإذا رأيتم العير الأبتر يطوف حول قبري ويسوف بمنخره فانبشوني تجدوني حيا أخبركم بما يكون حتى تقوم الساعة، فخرجوا بعد ثالثة إلى قبره، فإذا نحن بالعير الأبتر يطوف حول قبره، ويسوف بمنخره، فأردنا أن ننبشه فمنعنا قومه من ذلك.
وقالوا: لا ندعكم تنبشونه فتعيرنا به العرب، فلما بعث الله محمدا عليه السلام أتته محياة بنت خالد فانتسبت له، فبسط لها رداءه وأجلسها عليه، وقال: «بنت أخي نبيا ضيعه قومه».
وقيل: إن ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «مرحبا يا ابن أخي».
اقرأ أيضا:
ما الفرق بين النفخة الأولى والثانية؟ وما معنى صعق؟ وما حالة الأموات في القبور قبل نفخة البعث؟!