يعتبر الفاروق عمر هو النموذج الأمثل بين الحكام في إقامة العدل وسياسة الناس، حيث تذكر كتب السياسة الشرعية عن الكثير من الحكام بأنه كان عادل أما الفاروق فيصفون العدل إليه فيقولون " عدل عمري"، كناية عن المنتهى في إقامة العدل.

خطبة عمر:

يقول أحد التابعين: خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال في خطبته: أيها الناس إنما كنا نعرفكم إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وكان ينزل عليه الوحي وإذ ينبئنا الله تعالى من أخباركم، ألا فقد مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي، وإنما نعرفكم بما نقول لكم: من أظهر منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه على ذلك، ومن أظهر منكم شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه.
يقول الفاروق عمر :" أسراركم فيما بينكم وبين الله تعالى.. ولقد أتى عليّ زمان وما أرى أحدا يقرأ القرآن يريد به إلا ما عند الله تعالى، وقد خيل إلي أن أناسا يقرأون القرآن يريدون به ما عند الناس، ألا فأريدوا الله بقراءتكم وأعمالكم.

اقرأ أيضا:

"واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة".. هل سمعت هذا المعنى من قبل؟

شكوى من أحد الرعية:

ويواصل الفاروق في خطبته : إني لم أبعث عليكم عمالا ليضربوا أبشاركم - جلودكم- ولا ليأكلوا أموالكم.. ولكن بعثتم ليحجزوا بينكم ويقسموا فيكم فيئكم.. فمن كانت له قبل أحد منهم مظلمة فليقم.
 فما قام أحد غير رجل واحد فقال: يا أمير المؤمنين إن عاملك ضربني مائة سوط، فسأله عمر لم ضربه فاعتلّ له.
 فقال له عمر: قم فاستقد منه، فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين إنك إن تفتح هذا على عمّالك كبر عليهم وكانت سياسة يأخذ بها من بعدك
 فقال عمر: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاد من نفسه، قم فاستقد منه، فقال له عمرو بن العاص: دعنا إذن فلنرضه، قال: دونكم فأرضوه. فافتدوا منه بمائة دينار.
قيل: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتصّ من نفسه؟ قال: أقبل من منى يزور البيت حتى إذا كان في بعض الطريق عرض له إنسان، فكره أن يوطئه فضربه بمخصرته، فلما طاف بالبيت وصلى قال: يا أيها الناس إني أقبلت من منى فعرض لي إنسان فضربته بمخصرتي، فإن كان في الناس فليقم. فقام رجل فقال له: أنا، فقال له رسول لله صلى الله عليه وسلم: استقد فقال: بل أعفو يا رسول الله.