ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يسأل عن حكم سماع الرجل لصوت المرأة؟ وهل صحيح ما يُقال من أن ذلك حرامٌ بدعوى أن صوتها عورةٌ؟ .
وأجاب الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الديار المصرية بأن الصحيح وهو ما دلَّ عليه الدليل أن صوت المرأة بمجرده ليس بعورة؛ فيجوز للرجال شرعًا سماع صوت المرأة والإصغاء إليه عند أمن الفتنة، وعدم الخوف من الوقوع في مُحرّم، ولا يُعدُّ ذلك حرامًا.
وأضاف المفتي أن صوتُ المرأة بمجرده ليس بعورة على الصحيح، وقد دلَّ على هذا عدد من النصوص الشرعية؛ فروى البخاري ومسلم -واللفظ له- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ مِن الِاسْتِغْفَارِ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ»، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟ قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ قَالَ: «أَمَّا نُقْصَانِ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ، فَهَذَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ. وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ، فَهَذَا نُقْصَانِ الدِّينِ»، ووجه الدلالة من هذا الحديث ونظائره: أن صوت المرأة لو كان عورة ما سمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما أقرَّ أصحابَه على سماعه؛ وقد نص على هذا كثير من العلماء والفقهاء؛ فقال الإمام ولي الدين أبو زُرعة بن العراقي في "طرح التثريب".
اقرأ أيضا:
يكتب بيت الزوجية باسم زوجته .. ويجبرها على التنازل عن مؤخر الصداق.. فما الحكموأما المنعُ من الإصغاء والاستماع إلى صوت المرأة فمَحَلُّه عند خوف الافتتان؛ بمعنى قيام الدَّاعي إلى الوقوع في مُحَرَّمٍ؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 110، ط. دار الكتاب الإسلامي): [أما النظر والإصغاء لما ذكِر عند خوف الفتنة؛ أي: الداعي إلى جماع أو خلوة أو نحوهما، فحرام، وإن لم يكن عورة؛ للإجماع.. قال الزركشي: ويلتحق بالإصغاء لصوتها عند خوف الفتنة التلذذ به، وإن لم يَخَفْها -أي الفتنة-] اهـ.
قال الإمام ولي الدين أبو زُرعة بن العراقي في "طرح التثريب" (6/ 579): [لكن قالوا: يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة. ولا شك أن الفتنة في حقه صلى الله عليه وآله وسلم مأمونة، ولو خشي أصحابه رضي الله عنهم فتنة ما سمعوا] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري من الشافعية في "أسنى المطالب" (3/ 110): [(الإصغاء) من الرجل (لصوتها -أي المرأة-)؛ جائز عند أمن الفتنة] اهـ.
فما دام صوت المرأة خاليًا من الفتنة فيجوز للرجال سماعه شرعًا؛ لأن صوتها في ذاته ليس بعورة كما تقرر.