الله هو (الكفيل) الحقيقي لك، فهو الذي يكفيك الأمر ويعطيك كل ما تحتاجه، وفيه معنى الوعد أي كأنه سبحانه يعدك بألا يتركك بلا رزق ولا مدد.
قال تعالى: «وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا»، إذن فهو الضامن للرزق والضامن لك من أي خوف أو قلق، والضامن لك من النار، والضامن لك من العذاب، فقط بأن تطيعه ولا تشكر به شيئًا، فالله عز وجل هو القائم بأمر الخلائق كلهم، المتكفل بأقواتهم وأرزاقهم، والمدبر لأمورهم، ورعاية مصالحهم.
وهو الذي خلق الأرزاق والمرزوقين، وخالق الحاجات والمحتاجين، وهو الذي توكل بحياة الخلائق كافة، فما من مخلوق إلا وهو متمتع برزقه تعالى، مغمور بكرمه، لا يخص بذلك مؤمنًا دون كافر، ولا وليًا دون عدو، يسوقه إلى الضعيف الذي لا حيلة له، كما يسوقه إلى الجلد القوي، متكفل بالأقوات وإيصالها، بحيث يأخذ كل كائن نصيبه.
اسم الله الكفيل
من أسماء الله الحسنى الواردة في القرآن والسنة، اسم الله الكفيل، قال تعالى: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً» (النحل:91)، ولم يرد اسم الله الكفيل في القرآن بهذا اللفظ إلا في هذا الموضع، وفي ذلك يقول الإمام الطبري رحمه الله: «أي، وقد جعلتم الله بالوفاء بما تعاقدتم عليه على أنفسكم راعيًا، يرعى الموفي منكم بعهد الله الذي عاهد على الوفاء به».
وفسرها القرطبي في قوله: «(كفيلاً) يعني شهيدًا، ويقال: حافظًا، ويقال: ضامنًا»، بينما عرفها الشوكاني بقوله: «(وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً) أي شهيدًا، وحافظًا، وضامنًا، وقيل: رقيبًا؛ لأن الكفيل يراعي حال المكفول به».
كفى به كفيلاً
الله يكفيك، فلا تحتاج إلى كفيل أو ضامن، لأنك في معية الله أينما كنت، فعن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر: «أن رجلا من بنى إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتنى بشهداء أشهدهم، قال: كفى بالله شهيدا، قال: ائتني بكفيل، قال: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج فى البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يقدم عليه للأجل الذى أجله، فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها، وأدخل فيها ألف دينار، وصحيفة معها إلى صاحبها، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها البحر، ثم قال: اللهم إنك قد علمت أني استسلفت فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضي بذلك، وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدا، فرضي بذلك، وإني قد جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه بالذي أعطاني، فلم أجد مركبا، وإني استودعتكما، فرمى بها في البحر، حتى ولجت فيه. ثم انصرف وهو فى ذلك يطلب مركبا إلى بلده، فخرج الرجل الذى كان أسلفه ينظر لعل مركبا يجيئه بماله، فإذا بالخشبة التى فيها المال، فأخذها لأهله حطبا فلما كسرها وجد المال والصحيفة. ثم قدم الرجل الذى كان تسلف منه فأتاه بألف دينار، وقال: والله ما زلت جاهدا فى طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذى أتيت فيه، قال: هل كنت بعثت إلى بشىء؟ قال: ألم أخبرك أنى لم أجد مركبا قبل هذا الذى جئت فيه، قال: فإن الله أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة، فانصرف بألفك راشدًا».
اقرأ أيضا:
الكسل داء يبدد الأعمار والطاقات.. انظر كيف عالجه الإسلام